للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلحت الواو لتأكيد لصوق الموصوف بالصِّفة لَكَان أَوْلَى المواضع بها موضعًا لا يصلح للحال؛ نحو: إنَّ رجلًا رأيُهُ سديدٌ لَسعيدٌ، فـ «رأيُهُ سديدٌ» جملةٌ نُعِتَ بها، ولا يجوز (١) اقترانها بالواو لعدم صلاحيَّتها للحال؛ بخلاف: ﴿وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ فإنَّها جملةٌ يصلح في موضعها الحال؛ لأنَّها بعد نفيٍ، وتعقَّبه نجم الدِّين سعيدٌ على (٢) الوجه الأوَّل: بأنَّ الزَّمخشريَّ أَعْرَفُ باللُّغة، مع أنَّه لا يلزم من عدم العرفان بالمعوَّل عليه عدمُه، وعلى الثَّاني: أنَّ تغاير الشَّيئين لا ينافي تلاصقهما، والجملة التي هي صفةٌ لها التصاقٌ بالموصوف، والواو أكَّدت الالتصاق باعتبار أنَّها في أصلها للجمع المناسب للإلصاق، لا أنَّها عاطفةٌ، وعلى الثَّالث: أنَّ المراد من الالتصاق ليس الالتصاقَ اللَّفظيَّ كما فهمه ابن مالكٍ، بل المعنويَّ، والواو تؤكِّد الثَّاني دون الأوَّل، وتعقَّبه البدر الدَّمامينيُّ: بأنَّ قوله: «أعرف باللُّغة» مجرَّدُ دعوى، مع أنَّها لو سلمت لا تصلح لردِّ أنَّ هذا المذهب غير معروفٍ لبصريٍّ ولا كوفيٍّ، وإنَّما وجه الرَّدِّ أن يُقَال: بل هو معروفٌ، ويبيِّن من قاله منهم. انتهى. وقد تبع الزَّمخشريَّ في ذلك أبو البقاء، وقال في «الدُّرِّ»: إن في محفوظه أنَّ ابن جنِّيٍّ سبق الزَّمخشريَّ بذلك (٣)، وقوَّاه بآية: ﴿إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وقراءة ابن أبي عبلة: (إلَّا لها كتابٌ) [الحجر: ٤] بإسقاط الواو، ويحتمل أن يكون قائلَ: «وكان شهد … » إلى آخره أبو إدريس (٤)، فيكون متَّصلًا إنْ حُمِلَ على أنَّه سمع ذلك من عُبادةَ، أو الزُّهريُّ فيكون منقطعًا، والجملة اعتراضٌ بين «أنَّ» وخبرها السَّاقطِ من أصل الرِّواية هنا، ولعلَّها سقطت من ناسخٍ بعده واستمرَّ؛ بدليل ثبوتها عند المصنِّف في «باب من شهد


(١) في (ل): «ولا يصحُّ».
(٢) هنا يبدأ السقط من (ص).
(٣) في (م): «لذلك».
(٤) في (ب) و (س): «يكون قائل ذلك أبا إدريس».

<<  <  ج: ص:  >  >>