للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الله بن ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هرمز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ (١) رَسُولَ اللهِ قَالَ: مَطْلُ) المِدْيان (الغَنِيِّ) القادر على وفاء الدَّين ربَّه بعد استحقاقه (ظُلْمٌ) مُحرَّمٌ (٢) عليه، وخرج بالغنيِّ العاجزُ عن الوفاء، والمطل: أصله المدُّ، تقول: مطلت الحديدة أمطلها إذا مددتها لتطول، والمراد هنا: تأخير ما استحقَّ أداؤه بغير عذرٍ، ولفظ المطل يُشعِر بتقدُّم الطَّلب، فيُؤخَذ منه أنَّ الغنيَّ لو أخَّر الدَّفع مع عدم طلب صاحب الحقِّ له (٣) لم يكن ظالمًا (٤)، وقد حكى أصحابنا وجهين في وجوب الأداء مع القدرة من غير طلبٍ من ربِّ الدَّين، فقال إمام الحرمين في «الوكالة» من «النِّهاية» وأبو المُظفَّر السَّمعاني في «القواطع في أصول الفقه»، والشَّيخ عزُّ الدِّين بن عبد السَّلام في «القواعد الكبرى»: لا يجب الأداء إلَّا بعد الطَّلب، وهو مفهوم تقييد النَّوويِّ في «التَّفليس» بالطَّلب، والجمهور على أنَّ قوله: «مطل الغنيِّ ظلمٌ» من باب إضافة المصدر للفاعل كما سبق تقريره، وقيل: هو من إضافة المصدر للمفعول، والمعنى: أنَّه يجب وفاء الدَّين وإن كان (٥) مستحقُّه غنيًّا، ولا يكون سببًا لتأخيره عنه، وإذا كان كذلك في حقِّ الغنيِّ فهو في حقِّ الفقير أولى، قال الحافظ زين الدِّين العراقيُّ: وهذا فيه تعسُّفٌ وتكلُّفٌ، ولو لم يكن له مالٌ لكنَّه قادرٌ على التَّكسُّب، فهل يجب عليه ذلك لوفاء الدَّين؟ أطلق أكثر أصحابنا -ومنهم الرَّافعيُّ والنَّوويُّ-: أنَّه ليس عليه ذلك، وفصل الفراويُّ (٦) فيما حكاه ابن الصَّلاح في «فوائد الرِّحلة» بين أن يلزمه الدَّين بسببٍ هو به عاصٍ،


(١) في (د): «عن».
(٢) في (ص): «يحرم».
(٣) «له»: ليس في (د).
(٤) في (ص): «ظلمًا».
(٥) «كان»: ليس في (ص).
(٦) في (د): «الفزاريُّ»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>