للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيجب عليه الاكتساب لوفائه، أو غير عاصٍ فلا، قال الإسنويُّ: وهو واضحٌ (١)؛ لأنَّ التَّوبة ممَّا فعله واجبةٌ، وهي متوقِّفةٌ في حقوق الآدميِّين على الرَّدِّ. انتهى. قال ابن العراقيِّ: ولو قيل بوجوب التَّكسُّب مطلقًا لم يبعد، كالتَّكسُّب لنفقة الزَّوجة، وكما أنَّ القدرة على الكسب كالمال في منع أخذ الزَّكاة يبقى النَّظر في أنَّ لفظ هذا الحديث هل يتناوله؟ إن فسَّرنا الغنى بالمال فلا، وإن فسَّرناه بالقدرة على وفاء الدَّين فنعم، وكلامهم فيمن ماله غائبٌ يوافق الثَّاني، وفي رواية ابن عيينة عن أبي الزِّناد عند النَّسائيِّ وابن ماجه: المطل ظلمُ الغنيِّ (٢)، والمعنى: أنَّه من الظُّلم، وأطلق ذلك للمبالغة في التَّنفير عن المطل. (فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ) بضمِّ الهمزة وسكون المُثنَّاة الفوقيَّة وكسر المُوحَّدة مبنيًّا للمفعول (عَلَى مَلِيٍّ) بتشديد المُثنَّاة التَّحتيَّة، وضبطها الزَّركشيُّ بالهمزة، وقال: الغنيُّ (٣) من المَلَاءة، وقال في «المصابيح»: وظاهره أنَّ الرِّواية كذلك فينبغي تحريرها، ولم أظفر بشيءٍ منها. انتهى. والذي في الفرع وجميع ما وقفت عليه من الأصول المعتمدة: بدون الهمزة، وهو الذي رويناه، وذِكْرُ هذه الجملة عقب ما قبلها يُشعِر بأنَّ الأمر بقبول الحوالة مُعلَّلٌ بكون مطل (٤) الغنيِّ ظلمًا، قال ابن دقيق العيد: ولعلَّ السَّبب فيه أنَّه إذا تقرَّر كونه ظلمًا -والظَّاهر من حال المسلم الاحتراز عنه- فيكون ذلك سببًا للأمر بقبول الحوالة عليه؛ لأنَّ به يحصل المقصود من غير ضرر المطل، ويُحتمل أن يكون ذلك لأنَّ المليَّ لا يتعذَّر استيفاء الحقِّ منه عند الامتناع، بل يأخذه الحاكم قهرًا ويوفيه، ففي قبول الحوالة عليه يحصل الغرض من غير مفسدةٍ في الحقِّ، قال: والمعنى الأوَّل أرجح لِمَا فيه من بقاء معنى التَّعليل بكون المطل ظلمًا، وعلى هذا المعنى الثَّاني تكون العلَّة عدم وفاء الحقِّ لا الظُّلم. انتهى. والمعنى الأوَّل هو الذي اقتصر عليه الرَّافعيُّ، وقال ابن الرِّفعة في «المطلب»: وهذا إذا كان الوصف بالغنى يعود إلى من عليه الدَّين، وقد قيل: إنَّه يعود إلى من له الدَّين، وعلى هذا


(١) في (ص): «أصحُّ».
(٢) «الغنيِّ»: مثبتٌ من (د)، وكذا في «الفتح» (٤/ ٥٤٣).
(٣) في (د): «العينيُّ»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (م): «مطلق»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>