للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وانتظم (١) الاختصاص حينئذٍ وتناسب السِّياق؛ وذلك أنَّ المأيوس من معرفة صاحبه لا يُعرَّف، كالموجود بالسَّواحل، لكنَّ مكَّة تختصُّ بأن تُعرَّف لقطتها، وقد نصَّ بعضهم على أنَّ لقطة العسكر ببلد (٢) الحرب إذا تفرَّق العسكر لا تُعرَّف سنةً لأنَّها إمَّا لكافرٍ فهي مباحةٌ، وإمَّا لأهل العسكر فلا معنى لتعريفها في غيرهم، فظهر حينئذٍ اختصاص مكَّة بالتَّعريف، وإن تفرَّق أهل الموسم مع أنَّ الغالب كونها لهم وأنَّهم لا يرجعون لأجلها، فكأنَّه قال: ولا تحلُّ لقطتها إلَّا بعد الإنشاد والتَّعريف سنةً بخلاف ما هو من جنسها؛ كمجتمعات العساكر ونحوها، فإنَّ تلك تحلُّ بنفس (٣) افتراق العسكر، ويكون المذهب حينئذٍ أقعد بظاهر الحديث من مذهب المخالف، لأنَّهم يحتاجون إلى تأويل اللَّام وإخراجها عن التَّمليك، ويجعلون المراد: ولا تحلُّ لقطتها إلَّا لمنشدٍ فيحلُّ له إنشادها لا أخذها، فيخالفون ظاهر اللَّام وظاهر الاستثناء، ويحقِّق ما قلناه: -من أنَّ (٤) الغالب على مكَّة أنَّ لقطتها لا يعود لها صاحبها- أنَّا لم نسمع أحدًا ضاعت له نفيقةٌ (٥) بمكَّة، فرجع إليها ليطلبها ولا بعث (٦) في ذلك، بل ييأس منها بنفس التَّفرُّق، والله أعلم.

(وَلَا يُخْتَلَى) بضمِّ التَّحتيَّة وسكون المعجمة، مقصورًا، أي: لا يُقطَع (خَلَاهَا) بفتح المعجمة، مقصورًا: كلؤها الرَّطب (فَقَالَ عَبَّاسٌ) بدون «ال» عمُّه : (يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا الإِذْخِرَ) بكسر الهمزة وبالذَّال (٧) والخاء المكسورة المعجمتين: نبتٌ معروفٌ طيِّب الرَّائحة (فَقَالَ) (٨)، ولأبي الوقت: «قال»: (إِلَّا الإِذْخِرَ) بالنَّصب على الاستثناء كالأوَّل، قال ابن مالكٍ: وهو المختار على الرَّفع، إمَّا لكون الاستثناء متراخيًا عن المستثنى منه، فتفوت المشاكلة بالبدليَّة (٩)، وإمَّا لكون الاستثناء عرض في آخر الكلام، ولم يكن مقصودًا أوَّلًا.


(١) في (د) و (م): «انقطع»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٢) في (ب) و (س): «بدار»، وفي (ص): «ببلاد».
(٣) في (ص): «بنحو».
(٤) «أنَّ»: ليس في (د).
(٥) في (د): «نفقته».
(٦) في (د): «يبعث».
(٧) في (د) و (د ١) و (ص): «والذَّال».
(٨) قوله: «عمُّه : يَا رَسُولَ اللهِ … فَقَالَ » سقط من (م).
(٩) «بالبدليَّة»: مثبتٌ من (د) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>