للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِي) أي: لأجلي (عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا) جملةٌ في محلِّ نصبٍ (١) على المفعوليَّة، و «ما» موصولٌ، و «وسوست» صلته، و «به» عائدٌ، و «صدورُها» بالرَّفع فاعل «وسوست»، ولأبي ذرٍّ: «صدورَها» بالنَّصب على أنَّ «وسوست» بمعنى: حدَّثت، ونسب هذه في «الفتح» وغيره لرواية الأَصيليِّ، ويأتي -إن شاء الله تعالى- في «الطَّلاق» [خ¦٥٢٦٩] بلفظ: «ما حدَّثت به أَنْفُسَها»، والمعنى: ما حدَّثت به نفسه، وهو ما يخطر بالبال (٢)، والوسوسة: الصَّوتُ الخفيُّ، ومنه: وسواس الحليِّ لأصواتها، وقيل: ما يظهر في القلب من الخواطر، إن كانت تدعو إلى الرَّذائل والمعاصي تُسمَّ وسوسةً، فإن كانت تدعو إلى الخصال المرضيَّة والطَّاعات تُسمَّ إلهامًا، ولا تكون الوسوسة (٣) إلَّا مع التَّردُّد والتَّزلزل من غير أن يطمئنَّ إليه أو يستقرَّ عنده (مَا لَمْ تَعْمَلْ) في العمليَّات بالجوارح (أَوْ تَكَلَّمْ) في القوليَّات باللِّسان على وفق ذلك، وأصل «تَكَلَّمْ» (٤): تتكلَّم بمُثنَّاتين، حُذِفت (٥) إحداهما تخفيفًا.

ومطابقة الحديث للتَّرجمة من (٦) قوله: «ما وسوست» لأنَّ الوسوسة لا اعتبار لها عند عدم التَّوطُّن (٧)، فكذلك المخطئ والنَّاسي لا توطُّن لهما، وأمَّا قول ابن العربيِّ: -إنَّ المرادَ بقوله: «ما لم تكلَّمْ» الكلامُ النَّفسيُّ إذ هو الكلام الأصليُّ، وإنَّ القول الحقيقيَّ هو الموجود بالقلب (٨) الموافق للعلم- فمراده به الانتصار لما رُوِي عن الإمام الأعظم مالكٍ: أنَّه يقع الطَّلاق والعتاق بالنِّيَّة وإن لم يتلفَّظ، قال في «المصابيح»: وقد أشكل هذا على كثير من أصحابه؛ لأنَّ النِّيَّة عبارةٌ عن القصد في الحال، أو العزم في الاستقبال، فكما لا يكون قاصدُ الصَّلاة مصلِّيًا


(١) في (د): «النَّصب».
(٢) في (د): «في البال».
(٣) «الوسوسة»: ليس في (د ١) و (ص).
(٤) «تكلَّم»: من (د) و (ب) و (س).
(٥) في (د ١) و (ص) و (م): «حذف».
(٦) في غير (د) و (س): «في».
(٧) التَّوطُّن هنا: الاستقرار في النفس.
(٨) في (م): «في القلب».

<<  <  ج: ص:  >  >>