للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا ما عند الدَّارقُطنيِّ عن ابن عمر: أنَّ النَّبيَّ (١) قال: «المُدبَّر لا يُباع ولا يُوهَب، وهو حرٌّ من الثُّلث» فهو حديثٌ ضعيفٌ لا يُحتَجُّ بمثله.

الثَّالث: المنع من بيعه إلَّا أن يكون على السَّيِّد دينٌ مستغرقٌ، فيُباع في حياته وبعد مماته، وهذا مذهب المالكيَّة؛ لزيادةٍ في الحديث عند النَّسائيِّ وهي: «وكان عليه دَينٌ»، وفيه: فأعطاه وقال: «اقضِ دَيْنَكَ»، وعُورِض بما عند مسلمٍ: «ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها» إذ ظاهره أنَّه أعطاه الثَّمن لإنفاقه، لا لوفاء دينٍ عليه (٢) به.

الرَّابع: تخصيصه بالمُدبَّر، فلا يجوز في المُدبَّرة، وهو روايةٌ عن أحمد، وجزم به ابن حزمٍ عنه، وقال: هذا تفريقٌ لا برهان على صحَّته، والقياس الجليُّ يقتضي (٣) عدم الفرق (٤).

الخامس: (٥) بيعه إذا احتاج صاحبه إليه تمسُّكًا بقوله في الرِّواية الأخرى [خ¦٦٧١٦]: «ولم يكن له مالٌ غيره».

السَّادس: لا يجوز بيعه إلَّا إذا أعتقه الذي ابتاعه، وكأنَّ القائل بهذا رأى بيعه موقوفًا كبيع الفضوليِّ عند القائل به، فإن أعتقه تبيَّن أنَّ البيع صحيحٌ، وإِلَّا فلا، وقال الشَّيخ تقيُّ الدِّين ابن دقيق العيد: من منع بيعه مطلقًا فالحديث حجَّةٌ عليه؛ لأنَّ المنعَ الكلِّيَّ (٦) يناقضه الجوازُ الجزئيُّ، ومن أجاز بيعه في بعض الصُّور يقول: أنا أقول بالحديث في صورة كذا، فالواقعة واقعة حالٍ لا عموم لها، فلا تقوم عليَّ الحجة في المنع من بيعه في غيرها، كما يقول مالكٌ في بيع الدَّين، وقال النَّوويُّ: الصَّحيح أنَّ الحديث على ظاهره، وأنَّه يجوز بيع المُدبَّر بكلِّ حالٍ ما لم يمت السَّيِّد.

وهذا الحديث قد سبق في «البيع» [خ¦٢٢٣٠].


(١) في (ص): «رسول الله».
(٢) «عليه»: مثبتٌ من (د) و (ص).
(٣) «يقتضي»: ليس في (ب) و (ص).
(٤) في (م): «الفرقة».
(٥) زيد في (ص): «القياس».
(٦) في (ص): «كليٌّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>