للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متقدِّمة قبل قصَّة الإفك، وحمله على ذلك قوله هنا: فدعا رسول الله بريرة. وأُجيبَ: باحتمال أنَّها كانت تخدم عائشة قبل شرائها، أو اشترتها وأخَّرت عتقها إلى بعد الفتح، أو دام حزن زوجها عليها مدَّة طويلة، أو كان حصل لها الفسخ وطلبت أن تردَّه بعقد جديد، أو كانت لعائشة ثمَّ باعتها، ثمَّ استعادتها بعد الكتابة (فَقَالَ) : (يَا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟) بفتح أوَّله، يعني: من جنس ما قيل فيها، فأجابت على العموم، ونفت عنها كلَّ ما كان من النَّقائص من جنس ما أراد السؤال عليه وغيره (فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ) بكسر الهمزة، أي: ما رأيت (مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ) بهمزة مفتوحة فغين معجمة ساكنة فميم مكسورة فصاد مهملة أعيبه (عَلَيْهَا) في كلِّ أمورها، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «قطُّ» (أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ) لأنَّ الحديث السِّنِّ يغلبه النَّوم ويكثر عليه (فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ) بدال مهملة ثمَّ جيم الشَّاة الَّتي تألف البيوت، ولا تخرج إلى المرعى، وفي رواية مِقْسَم مولى ابن عبَّاس عن عائشة عند الطَّبرانيِّ: ما رأيت منها شيئًا منذ كنت عندها إلَّا أنِّي عجنت عجينًا لي، فقلت: احفظي هذه العجينة حتَّى أقتبس نارًا لأخبزها (١)، فغفلت، فجاءت الشَّاة فأكلتْها، وهو تفسير المراد بقولها: «فتأتي الدَّاجن» وهذا موضع التَّرجمة، لأنَّه سأل بريرة عن حال عائشة، وأجابت ببراءتها، واعتمد النَّبيُّ على قولها حين خطب فاستعذر من ابن أُبيٍّ، لكنْ قال القاضي عياض: وهذا ليس ببيِّن، إذ لم تكن شهادة، والمسألة المختلف فيها إنَّما هي في تعديلهنَّ للشَّهادة، فمنع من ذلك مالك والشَّافعي ومحمَّد بن الحسن، وأجازه أبو حنيفة في المرأتين والرَّجل لشهادتهما في المال، واحتجَّ الطَّحاويُّ لذلك بقول زينب في (٢) عائشة وقول عائشة في زينب، فعصمها الله بالورع، قال: ومن كانت بهذه الصِّفة جازت شهادتها، وتُعُقِّبَ: بأنَّ إمامه أبا حنيفة لا يجيز شهادة النِّساء إِلَّا في مواضع مخصوصة، فكيف يُطْلِق جواز تزكيتهنَّ؟ (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ مِنْ يَوْمِهِ) على المنبر خطيبًا (فَاسْتَعْذَرَ) بالذَّال المعجمة (مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : مَنْ يَعْذِرُنِي) بفتح حرف المضارعة وكسر الذَّال المعجمة: من يقوم بعذري إن كافأته على قبيح فعله ولا يلومني (٣)؟ أو من ينصرني (مِنْ


(١) في (ص): «لأخبز بها».
(٢) زيد في (ص): «حقِّ».
(٣) في غير (ب) و (س): «يلمني». وكذا في (ج)، وكتب على هامشها: كذا بخطِّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>