للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزمخشري: أن يكون ﴿اثْنَانِ﴾ فاعل ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ على معنى (١): فيما فُرِض عليكم أن يشهد اثنان (﴿ذَوَا عَدْلٍ﴾) أي: أمانةٍ وعقلٍ (﴿مِّنكُمْ﴾) من المسلمين أو من أقاربكم (﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾) من غير المسلمين، يعني: أهل الكتاب عند فقد المسلمين؛ أو من غير أقاربكم (﴿إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ﴾) أي: سافرتم فيها (﴿فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾) أي: قاربتموه (٢) وهذان شرطان (٣) لجواز استشهاد الذِّميِّين عند فقد المسلمين أن يكون ذلك في سفرٍ وأن يكون في وصيَّةٍ، وهذا مرويٌّ عن الإمام أحمد، وهو من أفراده، وخالفه الأئمَّة الثَّلاثة في ذلك، وأنَّ هذه الآية منسوخةٌ بقوله تعالى: ﴿مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء﴾ [البقرة: ٢٨٢] وقد أجمعوا على ردِّ شهادة الفاسق، والكافرُ شرٌّ من الفاسق، نعم، جوَّز أبو حنيفة شهادة الكفَّار بعضِهم على بعضٍ (﴿تَحْبِسُونَهُمَا﴾) تمسكونهما لليمين، ليحلفا (﴿مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ﴾) صلاة العصر أو صلاة أهل دينهما (﴿فَيُقْسِمَانِ﴾) فيحلفان (﴿بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾) أي: ظهرت لكم ريبةٌ من اللَّذين ليسا من أهل ملَّتكم أنَّهما خانا، فيحلفان حينئذٍ (٤) بالله (﴿لَا نَشْتَرِي بِهِ﴾) بالقسم (﴿ثَمَنًا﴾) لا نعتاض عنه بعوضٍ قليلٍ من الدُّنيا الفانية الزَّائلة (﴿وَلَوْ كَانَ﴾) المشهود عليه (﴿ذَا قُرْبَى﴾) أي: قريبًا إلينا، وجوابه محذوفٌ، أي: ﴿لَا نَشْتَرِي﴾ (﴿وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ﴾) أي: الشَّهادة الَّتي أمر الله بإقامتها (﴿إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ﴾) إن كتمناها (﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾) فإن اطُّلِع (﴿عَلَى أَنَّهُمَا﴾) أي: الشَّاهدين (﴿اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾) أي: استوجباه بالخيانة والحنث في اليمين (﴿فَآخَرَانِ﴾) فشاهدان آخران من قرابة الميت (﴿يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ﴾) الإثم، أي: فيهم ولأجلهم، وهم ورثة الميِّت، استحقَّ الحالفان بسببهم الإثم، فـ «على» بمعنى: «في» كقوله: ﴿عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي: في ملك سليمان (﴿الأَوْلَيَانِ﴾) بالرَّفع خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هما الأوليان، كأنَّه قيل: ومَن هما (٥)؟ فقيل: هما الأوليان. وقيل: بدلٌ من الضَّمير في ﴿يِقُومَانُ﴾ أو من ﴿آخَرَانِ﴾ أي: الأحقَّان بالشَّهادة لقرابتهما ومعرفتهما من


(١) في (د): «معين»، وليس بصحيحٍ.
(٢) في (ب) و (س): «قاربتموها».
(٣) في (د): «الشرطان».
(٤) «حينئذٍ»: ليس في (د).
(٥) «هما»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>