للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأجانب (﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا﴾) أي: أصدق منهما وأولى بأن تُقبَل (﴿وَمَا اعْتَدَيْنَا﴾) فيما قلنا فيهما من الخيانة (﴿إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾) إن كنَّا قد كذَّبنا عليهما. ومعنى الآيتين -كما قاله القاضي-: أنَّ المحتَضِر إذا أراد الوصيَّة ينبغي أن يُشْهِد عدلين من ذوي نسبه أو دينه على وصيَّته، أو يوصي إليهما احتياطًا، فإن لم يجدهما بأن كان في سفر فآخران من غيرهم، ثمَّ إن وقع نزاعٌ وارتيابٌ، أقسما على صدق ما يقولان بالتَّغليظ في الوقت، فإن اطُّلِعَ على أنَّهما كذبا بأمارةٍ ومظنَّةٍ، حلف آخران من أولياء الميِّت، والحكم منسوخٌ إن كان الاثنان شاهدين، فإنَّه لا يحلف الشَّاهد ولا يعارِض يمينه بيمين الوارث، وثابتٌ إن كانا وصيَّين ورُدَّ اليمين إلى الورثة إمَّا لظهور خيانة الوصيين، فإنَّ تصديق الوصيِّ باليمين لأمانته أو لتغيير الدَّعوى (﴿ذَلِكَ﴾) الَّذي تقدَّم من بيان الحكم (﴿أَدْنَى﴾) أقرب (﴿أَن يَأْتُواْ﴾) أي: الشُّهداء على نحو تلك الحادثة (﴿بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا﴾) من غير تحريفٍ ولا خيانةٍ فيها (﴿أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾) أي: أقرب إلى أن يخافوا ردَّ اليمين بعد يمينهم على المدَّعين، فيحلفون على خيانتهم وكذبهم، فيفتضحون ويُغرَّمون (١)، وإنَّما جمع الضَّمير (٢)؛ لأنَّه حكمٌ يعمُّ الشُّهود كلَّهم (﴿وَاتَّقُوا اللّهَ﴾) أن تحلفوا كاذبين أو تخونوا (﴿وَاسْمَعُواْ﴾) الموعظة (﴿وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: ١٠٦ - ١٠٨]) أي: لا يرشد من كان على معصيةٍ، وساق في رواية أبي ذرٍّ من قوله: «﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ إلى قوله: ﴿مِنْ غَيْرِكُمْ﴾» ثمَّ قال: «إلى قوله: ﴿وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾». وقال المؤلِّف: (﴿الأَوْلَيَانِ﴾: واحدهما أَوْلَى، ومنه: أولى به) أي: أحقُّ به، وقوله: (﴿عُثِرَ﴾) أي: (أُظهِر) قاله أبو عبيدة في «المجاز» (﴿أَعْثَرْنَا﴾ [الكهف: ٢١]) أي: (أظهرنا) قاله الفرَّاء، وهذا كلُّه ثابتٌ في رواية الكُشْمِيهَنِيِّ فقط.


(١) «فيفتضحون ويغرَّمون»: مثبتٌ من (د).
(٢) «الضَّمير»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>