للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيث قال: إنَّ صلاة العيدين فرضُ كفاية (إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ) استثناءٌ من قوله: «لا» منقطعٌ، أي: لكنَّ التطوَّعَ مُستحَبٌّ لك، وعلى هذا لا تلزم النَّوافل بالشُّروع فيها، لكن يُستحَبُّ إتمامها ولا يجب، وقد روى النَّسائيُّ وغيره: أنَّ النَّبيَّ كان أحيانًا ينوي صَوم التَّطوُّع ثمَّ يفطر، وفي «البخاريِّ»: «أنَّه أمر جويرية بنت الحارث أن تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه» [خ¦١٩٨٦] فدلَّ على أنَّ الشُّروع في النَّفل لا يستلزم الإتمام، فهذا النَّصُّ في الصَّوم، والباقي (١) بالقياس، ولا يرد الحجُّ؛ لأنَّه امتاز عن غيره بالمضيِّ في فاسده، فكيف في صحيحه؟ أو الاستثناء متَّصلٌ على الأصل، واستُدلَّ به على أنَّ الشُّروع في التَّطوُّع يلزم إتمامه، وقرَّره القرطبيُّ من المالكيَّة: بأنَّه نفيُ وجوب شيءٍ آخرَ، أي: إلَّا ما تُطوَّع به، والاستثناء من النَّفيِ إثباتٌ، ولا قائلَ بوجوب التَّطوُّع، فتعيَّن أن يكون المُرَاد: إلَّا أن تَشرع في تَطوُّعٍ، فيلزمك إتمامه، وفي «مُسنَد أحمد» من حديث عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصةُ صائمتين، فأُهدِيتْ لنا شاةٌ فأكلْنا، فدخل علينا النبي ، فأخبرناه، فقال: «صُوما يومًا مكانه» والأمر للوجوب، فدلَّ على أنَّ الشُّروع مُلزِمٌ (قَالَ): وفي رواية أبي الوقت والأَصيليِّ: «فقال» (رَسُولُ اللهِ : وَصِيَامُ) بالرَّفع (٢) عطفًا على «خمس صلوات»، وفي رواية أبي ذَرٍّ: «وصوم» (رَمَضَانَ. قَالَ) الرَّجل: (هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ) : (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ) فلا يلزمك إتمامه إذا شرعت فيه، أو إلَّا إذا تطوَّعت فالتَّطوُّع يلزمك إتمامه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣] وفي استدلال الحنفيَّة نظرٌ، لأنَّهم لا يقولون بفرضيَّة الإتمام، بل بوجوبه واستثناء الواجب من الفرض منقطعٌ لتباينهما، وأيضًا فإنَّ الاستثناء عندهم


(١) في (م): «والثاني».
(٢) «بالرَّفع»: ليس في (ل) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>