من النَّفيِ ليس للإثبات، بل مسكوتٌ عنه كما قاله في «الفتح»(قَالَ) الرَّاوي طلحةُ بن عبيد الله: (وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الزَّكَاةَ، قَالَ) وفي رواية الأَصيليِّ وأبي ذَرٍّ: «فقال» الرَّجل المذكور: (هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ)ﷺ: (لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، قَالَ) الراوي: (فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ) من الإدبار، أي: تَوَلَّى (وَهُوَ يَقُولُ) أي: والحالُ أنَّه يقول: (وَاللهِ لَا أَزِيدُ) في التَّصديق والقَبول (عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ) منه شيئًا، أي: قبلت كلامك قبولًا لا مَزِيدَ عليه من جهة السُّؤال، ولا نقصانَ فيه من طريق القبول، أو لا أَزِيدُ على ما سَمعتُ، ولا أنقصُ منه عند الإبلاغ؛ لأنَّه كان وافدَ قومه ليتعلَّم ويُعلِّمهم، لكن يُعكِّر عليهما رواية إسماعيل بن جعفر حيث قال: لا أتطوَّع شيئًا، ولا أنقص ممَّا فرض الله عليَّ شيئًا [خ¦١٨٩١] أو المُرَاد: لا أغيِّر صفة الفرض؛ كمن ينقص الظُّهر مثلًا ركعةً، أو يزيدُ المغربَ (قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَفْلَحَ) الرَّجل، أي: فاز (إِنْ صَدَقَ) في كلامه، واستُشكِل كَونه أثبت له الفلاح بمُجرَّد ما ذكر، وهو لم يذكر له جميع الواجبات ولا المنهيَّات ولا المندوبات، وأُجِيب: بأنَّه داخلٌ في عموم قوله في حديث إسماعيل بن جعفرٍ المرويِّ عند المؤلِّف في «الصِّيام»[خ¦١٨٩١] بلفظ: فأخبره رسول الله ﷺ بشرائع الإسلام، فإن قلت: أمَّا فلاحه بأنَّه لا ينقص فواضحٌ، وأمَّا بألَّا يزيد فكيف يصحُّ؟