للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأنَّ الله استأثر بعلم وقت مجيئها؛ لقوله بعد: «خمسٌ لا يعلمهنَّ إلَّا الله»، وليس السُّؤال عنها ليَعْلم الحاضرون كالأسئلة السَّابقة، بل لينزجروا عن السُّؤال عنها، كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ﴾ [الأحزاب: ٦٣] فلمَّا وقع الجواب بأنَّه لا يعلمها إلَّا الله تعالى كفُّوا، وهذا السُّؤال والجواب وقعا بين عيسى ابن مريم وجبريل كما في «نوادر الحميديِّ»، لكن كان عيسى هو السَّائل، وجبريل هو المسؤول، ولفظه: حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا مالك بن مِغْوَلٍ، عن إسماعيل بن رجاء، عن الشَّعبيِّ قال: سأل عيسى ابن مريم جبريلَ عنِ السَّاعة قال: ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السَّائل (وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا) بفتح الهمزة، جمع شَرَطٍ بالتَّحريك، أي: علاماتها السَّابقة عليها، أو مقدِّماتها لا المقارنة لها؛ وهي: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ) أي: وقت ولادة الأمة (رَبَّهَا) أي: مالكها وسيِّدها، وهو هنا كنايةٌ عن كثرة أولاد السَّراري، حتَّى تصير الأمُّ كأنَّها أَمَةٌ لابنها؛ من حيث إنَّها ملكٌ لأبيه، أو أنَّ الإماء يلدن الملوك، فتصير الأمُّ من جملة الرَّعايا، والمَلِك سيِّد رعيَّته، أو كنايةٌ عن فساد الحال لكثرة بيع أمَّهات الأولاد، فيتداولهنَّ المُلَّاك، فيشتري الرَّجل أمَّه وهو لا يشعر، أو هو كنايةٌ عن كثرة العقوق بأن يعامل الولد أمَّه مُعامَلَة السَّيِّد أَمَتَهُ في الإهانة بالسَّبِّ والضَّرب والاستخدام، فأطلق عليه «ربَّها» مجازًا لذلك، وعُورِضَ بأنَّه لا وجه لتخصيص ذلك بولد الأَمَة إلَّا أن يُقَال: إنَّه أقرب إلى العقوق، وعند المؤلِّف في «التَّفسير» [خ¦٤٧٧٧]: «ربَّتها» بتاء التَّأنيث على معنى النَّسمة؛ ليشمل الذَّكر والأنثى، وقِيلَ: كراهة أن يقول: «ربَّها» تعظيمًا للفظ الرَّبِّ تعالى، وعبَّر بـ «إذا» الدَّالَّة على الجزم لأنَّ الشَّرط

<<  <  ج: ص:  >  >>