للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(رَسُولُ اللهِ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ) وهو ما أُخِذ من الكفَّار على سبيل الغلبة بلا قتالٍ ولا إيجافٍ، أي: إسراع خيلٍ أو ركابٍ أو نحوهما من جزيةٍ، أو ما هربوا عنه لخوفٍ أو غيره، أو صُولِحوا عليه بلا قتالٍ، وسُمِّي فيئًا لرجوعه من الكفَّار إلى المسلمين، وأمَّا الغنيمة فهي ما أُخِذ من الكفَّار بقتالٍ أو إيجافٍ ولو بعد انهزامهم، وما أُخِذ من دارهم اختلاسًا أو سرقةً أو لُقطةً، ولم تحلَّ الغنيمةُ إلَّا لنا، وقد كانت في أوَّل الإسلام له خاصَّة يصنع فيها ما يشاء، وعليه يُحمَلُ إعطاؤه من لم يشهد بدرًا، ثمَّ نُسِخ بعد ذلك فخُمُسه كالفيء لآية: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] وسُمِّيت بذلك لأنَّها فضلٌ وفائدةٌ محضةٌ (١)، والمشهور: تغاير الفيء والغنيمة، وقيل: يقع اسم كلٍّ منهما على الآخر إذا أُفرِد، فإن جُمِع بينهما افترقا، كالفقير والمسكين، وقيل: اسم الفيء يقع على الغنيمة دون العكس، وقد كان يخمِّس الفيء خمسة أخماسٍ لآية: ﴿مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [الحشر: ٧] يقسم خُمُسَه على خمسة أسهمٍ، فالقسمة (٢) من خمسةٍ وعشرين، سهمٌ منها له كان يُنفِق منه على مصالحه، وما فَضَلَ منه يصرفُه في السِّلاح وسائر المصالح، وأمَّا بعد وفاته فَمصْرِفُ هذا السَّهم المصالحُ العامَّة، كسدِّ الثُّغور وعمارة الحصون والقناطر وأرزاق القضاة والأئمَّة، والسَّهم الثَّاني: لذوي القربى (٣) -بني هاشمٍ وبني المطَّلب- والثَّالث: لليتامى الفقراء، والرَّابع والخامس: للمساكين وابن السَّبيل، وأمَّا الأربعة الأخماس فهي للمرتزقة، وهم المُرصَدون للجهاد بتعيين الإمام، وكانت للنَّبيِّ في حياته مضمومةً إلى خُمُس الخُمُس، فجملة ما كان له من الفيء (٤) أحدٌ وعشرون سهمًا، سهمٌ منها للمصالح كما مرَّ، والمراد: أنَّه كان يجوز له أن يأخذ ذلك لكنَّه لم يأخذه، وإنَّما كان يأخذ خُمُس الخُمُس كما مرَّ، وأمَّا الغنيمة فلخُمُسها حكم (٥) الفيء، فيُخمَّس خمسة أسهمٍ للآية، وأربعة أخماسها للغانمين، وقال الجمهور: مصرف الفيء كلِّه إلى رسول الله يصرفه بحسب المصلحة لقول عمر الآتي [خ¦٣٠٩٤]: «فكانت هذه خالصةً


(١) «محضة»: ليس في (د).
(٢) في (ب) و (ل): «فالغنيمة»، وفي (ص): «فالخمسة».
(٣) زيد في (ب) و (س): «من».
(٤) زيد في (م): «له» وهو تكرارٌ.
(٥) في (م): «فحكمها».

<<  <  ج: ص:  >  >>