للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لرسول الله »، (فَقَالَ لَهَا) أي: لفاطمة (أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ) وفي رواية مَعْمَرٍ عن الزُّهريِّ في «الفرائض» [خ¦٦٧٢٦]: سمعت رسول الله يقول: (لَا نُورَثُ) -بالنُّون- وفي حديث الزُّبير عند النَّسائيِّ: «إنَّا -معاشر الأنبياء- لا نُورَث» (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) بالرَّفع خبر المبتدأ الَّذي هو «ما تركنا»، والكلام جملتان: الأولى فعليَّة، والثَّانية اسميَّة، قال ابن حجرٍ في «فتح الباري»: ويؤيِّده وروده في بعض طرق «الصَّحيح»: «ما تركنا (١) فهو صدقةٌ» [خ¦٣٠٩٤] وحرَّفه الإماميَّة فقالوا: «لا يُورَث» بالمثنَّاة التَّحتيَّة بدل النُّون، و «صدقةً» نُصِب على الحال، و «ما تركنا» مفعولٌ لما لم يُسَمَّ فاعله، فجعلوا الكلام جملةً واحدةً، ويكون المعنى: أنَّ (٢) ما يُترَك صدقةً لا يُورَث، وهذا تحريفٌ يُخرِج الكلام عن نمط الاختصاص الَّذي دلَّ عليه قوله في بعض الطُّرق: «نحن -معاشر الأنبياء- لا نُورَث» ويعود الكلام بما (٣) حرَّفوه إلى أمرٍ لا يختصُّ به الأنبياء؛ لأنَّ آحاد الأمَّة إذا وقفوا أموالهم أو جعلوها صدقةً انقطع حقُّ الورثة عنها، فهذا من تحاملهم أو تجاهلهم، وقد أورده بعض أكابر الإماميَّة على القاضي شاذان صاحب القاضي أبي الطَّيِّب، فقال -أي: القاضي شاذان (٤)، وكان ضعيف العربيَّة قويًّا في علم الخلاف-: لا أعرف (٥) نصب «صدقة» من رفعها، ولا أحتاج إلى علمه، فإنَّه لا خفاء بي ولا (٦) بك أنَّ فاطمة وعليًّا من أفصح العرب، لا تبلغ أنت ولا أمثالك إلى ذلك منهما، فلو كانت لهما حجَّةٌ فيما لحظته لأبدياها حينئذٍ لأبي بكرٍ، فسكت ولم يُحِرْ جوابًا. وإنَّما فعل الإماميَّة ذلك لِمَا يلزمهم على رواية الجمهور من فساد مذهبهم، لأنَّهم يقولون: بأنَّه (٧) يُورَث كما يُورَث غيره من عموم المسلمين لعموم الآية الكريمة، وذهب النَّحَّاس إلى أنَّه يصحُّ النَّصب على الحال،


(١) في (ب): «تركناه» والمثبت موافق لما في «صحيح البخاريِّ».
(٢) «أنَّ»: ليس في (د ١) و (ص).
(٣) في (ص): «إلى ما»، وفي (م): «ما» وليس بصحيحٍ.
(٤) «أي: القاضي شاذان»: ليس في (د).
(٥) في (ص): «أعلم».
(٦) «لا»: مثبت من (د) و (م).
(٧) في (د): «إنَّه».

<<  <  ج: ص:  >  >>