للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(﴿فِي كَبَدٍ﴾ [البلد: ٤]) أي: (فِي شِدَّةِ خَلْقٍ) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللَّام، رواه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن عبَّاسٍ بإسنادٍ صحيحٍ، وأخرجه الحاكم في «مستدركه»، وقيل: لأنَّه يكابد (١) مصائب الدُّنيا وشدائد الآخرة، وقيل: لم يخلق الله خلقًا يكابد ما يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف خلق الله.

((وَرِيَاشًا)) بفتح الياء وألفٍ بعدها، جمع ريشٍ، فهو كشِعْبٍ وشِعَابٍ، وهي قراءة الحسن. ولأبي ذرٍّ: «﴿وَرِيشًا﴾» بسكون الياء وإسقاط الألف، وهي القراءة المتواترة في قوله تعالى: ﴿قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] قال ابن عبَّاسٍ: الرِّياش هو (المَالُ) رواه عنه ابن أبي حاتمٍ من طريق عليِّ بن أبي طلحة، يُقال: تريَّش الرَّجل إذا تموَّل (وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابن عبَّاسٍ: (الرِّيَاشُ) بالألف (وَالرِّيشُ) بإسقاطها (وَاحِدٌ وَهْومَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ) وعن ابن الأعرابيِّ: كلُّ شيءٍ يعيش به الإنسان من متاعٍ أو مالٍ أو مأكولٍ فهو ريشٌ ورياشٌ، وقال ابن السِّكِّيت: الرِّياش مختصٌّ (٢) بالثِّياب والأثاث، والرِّيش قد يُطلَق على سائر الأموال.

(﴿مَّا تُمْنُونَ﴾ [الواقعة: ٥٨]) قال الفرَّاء: هي (النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ) وقُرِئ: ((٣) تَمنون) بفتح التَّاء، من منى النُّطفة، بمعنى: أمناها، وقراءة الجمهور بضمِّها، من «أمنى»، قال القرطبيُّ: ويحتمل أن يختلف معناهما، فيكون «أمنى» إذا أنزل عن جماعٍ، و «منى» إذا أنزل عن احتلام.

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفريابيُّ: (﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ [الطارق: ٨]) هو (النُّطْفَةُ فِي الإِحْلِيلِ) قادرٌ على أن يردَّها فيه، والضَّمير للخالق، ويدلُّ عليه: ﴿خُلِقَ﴾ وقيل: قادرٌ على ردِّ الماء في الصُّلب الَّذي خرج منه، وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «إنَّه» و «لقادرٌ» (كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهْو شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ) يعني: أنَّ كلَّ شيءٍ له مقابلٌ يقابله، فهو بالنِّسبة إليه شفعٌ، كالسَّماء والأرض، والبرِّ والبحر، والجنِّ والإنس، ونحو هذا شفعٌ (وَالوَتْرُ: اللهُ ﷿ وحده، وهذا وصله الطَّبريُّ عن مجاهدٍ في قوله تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [الذاريات: ٤٩] بنحوه، وعن ابن عبَّاسٍ فيما أخرجه الطَّبريُّ أيضًا من طرقٍ صحيحةٍ: الوَتر: يوم عرفة، والشَّفع: يوم الذَّبح.


(١) في (ص): «يكايد»، وفي (م): «مكابدٌ».
(٢) في (م): «يختصُّ».
(٣) زيد في (م): «﴿مَّا﴾».

<<  <  ج: ص:  >  >>