للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صورةً أو معنًى، أي (١): فلا يتهيَّأ الانتفاع بها إلَّا بمُداراتها والصَّبر على اعوجاجها، وقيل: أراد به أنَّ أوَّل النِّساء حوَّاء أُخرِجت من ضلع آدم الأيسر، وقيل: من القُصَيْرَى كما تخرج النَّخلة من النَّواة، وجُعِل مكانها لحمٌ، وهذا مرويٌّ عن ابن عبَّاسٍ فيما رواه إسحاق (٢) في «المبتدأ» بلفظ: «إنَّ حوَّاء خُلِقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائمٌ» وكأنَّ المعنى: أنَّ النِّساء خُلِقن من أصلٍ خُلِق من شيءٍ مُعْوَجٍّ، وقوله: «أعوج» هو «أفعل» التَّفضيل، فاستعماله في العيوب شاذٌّ، وإنَّما يمتنع عند الالتباس بالصِّفة، فإذا تميَّز عنه بالقرينة جاز (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ) ذكره تأكيدًا لمعنى الكسر، أو إشارةً إلى أنَّها خُلِقت من أعوج أجزاء الضِّلع، مبالغةً في إثبات هذه الصِّفة لهنَّ، أو ضُرِب مثلًا لأعلى المرأة، لأنَّ أعلاها رأسها وفيه لسانها، وهو الَّذي يحصل منه الأذى. والأصل: التَّعبير بـ «أعلاها» لأنَّ الضِّلع مُؤنَّثةٌ، وإنَّما أعاد الضَّمير مُذكَّرًا على تأويله بالعضو، وقول (٣) الزَّركشيِّ: -تأنيثه غير حقيقيٍّ، فلذا جاز (٤) التَّذكير- تعقَّبه في «المصابيح» فقال: هذا غلطٌ؛ لأنَّ معاملة المُؤنَّث غير الحقيقيِّ معاملة المُذكَّر إنَّما هو بالنِّسبة إلى ظاهره إذا أُسنِد إليه، مثل: طلع (٥) الشَّمس، وأمَّا مضمره فحكمه حكم المؤنَّث الحقيقيِّ في وجوب التَّأنيث، تقول: الشَّمس طلعت (٦)، وهي طالعةٌ، ولا تقول:


(١) «أي»: ليس في (د).
(٢) في الأصول الخطية: «ابن إسحاق» وهو وهم سبق التنبيه عليه قبل الحديث (٣٢٩٦).
(٣) في (ص): «وقال».
(٤) في (د): «جاء».
(٥) في غير (ب) و (س): «طلوع»، والمثبت موافقٌ لما في «المصابيح» (٧/ ١٠١).
(٦) في (د): «طلعت الشَّمس»، ولا يصحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>