للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مزدحمين في البلاد، أو يموج بعض الخلق (١) في بعضٍ فيضطربون ويختلطون إنسهم وجنُّهم حيارى (﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ﴾) ولابن عساكر: «باب حتَّى إذا فُتِحت» (﴿يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾) قال في «الكشَّاف»: «حتَّى» متعلِّقةٌ بـ ﴿حَرَامٌ﴾ -يعني: في قوله: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ [الأنبياء: ٩٥]- وهي غايةٌ له لأنَّ امتناع رجوعهم لا يزول حتَّى تقوم السَّاعة (٢)، وهي «حتَّى» الَّتي يُحكَى بعدها الكلام، والكلام المحكيُّ هو الجملة من الشَّرط والجزاء، أعني: «إذا» وما في حيِّزها، وقال الحَوْفيُّ: هي غايةٌ، والعامل فيها: ما دلَّ عليه المعنى من تأسُّفهم على ما فرَّطوا فيه من الطَّاعة حين فاتهم الاستدراك. وقال ابن عطيَّة: «حتَّى» متعلِّقةٌ بقوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا﴾ [الأنبياء: ٩٣] ويحتمل على بعض التَّأويلات المتقدِّمة أن تتعلَّق بـ ﴿يَرْجِعُونَ﴾ ويحتمل أن تكون حرف ابتداءٍ، وهو الأظهر بسبب «إذا» لأنَّها تقتضي جوابًا هو المقصود ذكره، قال أبو حيَّان: وكون «حتَّى» متعلِّقةً بـ ﴿وَتَقَطَّعُوا﴾ فيه بعدٌ من حيث كثرة الفصل، لكنَّه من حيث المعنى جيِّدٌ، وهو أنَّهم لا يزالون مختلفين على دين الحقِّ إلى قرب مجيء السَّاعة، فإذا جاءت السَّاعة انقطع ذلك كلُّه، وتلخَّص في تعلُّق «حتَّى» أوجهٌ، أحدها: أنَّها متعلِّقةٌ بـ ﴿حَرَامٌ﴾ الثَّاني: أنَّها متعلِّقةٌ بمحذوفٍ دلَّ عليه المعنى، وهو قول الحوفيِّ. الثَّالث: أنَّها متعلِّقةٌ بـ ﴿وَتَقَطَّعُوا﴾ الرَّابع: أنَّها متعلِّقةٌ بـ ﴿يَرْجِعُونَ﴾ وتلخَّص في «حتَّى» وجهان، أحدهما: أنَّها حرف ابتداءٍ، وهو قول الزَّمخشريِّ وابن عطيَّة فيما اختاره، والثَّاني: أنَّها حرف جرٍّ بمعنى «إلى» وفي جواب «إذا» أوجهٌ، أحدها: أنَّه محذوفٌ، فقدَّره أبو إسحاق: قالوا: يا ويلنا، وقدَّره غيره: فحينئذٍ يُبعَثون. وقوله: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ﴾ [الأنبياء: ٩٧] عطفٌ على هذا المُقدَّر. والثَّاني: أنَّ جوابها الفاء في قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ﴾ قاله الحَوْفيُّ والزَّمخشريُّ وابن عطيَّة. وقوله: ﴿يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ هو على حذف مضافٍ، أي: سدُّ يأجوج ومأجوج (﴿وَهُم﴾) يعني: يأجوج ومأجوج، أو النَّاسَ كلَّهم (﴿مِّن كُلِّ حَدَبٍ﴾) نشزٍ من الأرض، سُمِّي به القبر لظهوره على وجه الأرض (﴿يَنسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦]) يسرعون (قَالَ قَتَادَةُ) فيما ذكره عبد الرَّحمن في تفسيره: (﴿حَدَبٍ﴾) أي: (أَكَمَةٍ) ولأبي ذرٍّ: «حُدُبٌ: أكمةٌ» برفعهما (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «وقال» (رَجُلٌ)


(١) في (د): «الخلائق».
(٢) في (ص) و (م): «القيامة».

<<  <  ج: ص:  >  >>