للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«يوم القيامة»: (يَا آدَمُ، فَيَقُولُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «قال»: (لَبَّيْكَ) أي: إجابةً لك بعد إجابةٍ، ولزومًا لطاعتك، فهو من المصادر المثنَّاة لفظًا، ومعناها: التَّكرير (١) بلا حصرٍ، ومثله: (وَسَعْدَيْكَ) أي: أسعدني إسعادًا (٢) بعد إسعادٍ (وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ) الله تعالى له: (أَخْرِجْ) -بفتح الهمزة وكسر الرَّاء- من النَّاس (بَعْثَ النَّارِ) أي: مبعوثها، وهم أهلها (قَالَ): يا ربِّ (وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟) أي: وما مقدار (٣) مبعوث (٤) النَّار؟ (قَالَ) تعالى: (مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ) نصبٌ، قال العينيُّ: على التَّمييز، ويجوز الرَّفع خبر مبتدأ محذوفٍ (٥) (فَعِنْدَهُ) أي: عند قوله تعالى لآدم: «أخرج بعث النَّار» (يَشِيبُ الصَّغِيرُ) من شدَّة الهول لو تُصوِّر وجوده، لأنَّ الهمَّ يضعف القويَّ ويسرع بالشَّيب، أو هو محمولٌ على الحقيقة، لأنَّ كلَّ أحدٍ يُبعَث على ما مات عليه، فيُبعَث الطِّفل طفلًا، فإذا وقع ذلك يشيب الطِّفل من شدَّة الهول (﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾) لو فُرِض وجودها (٦)، أو أنَّ من ماتت حاملًا بُعثِت حاملًا، فتضع حملها من الفزع (﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾) من الخوف (﴿وَمَا هُم بِسُكَارَى﴾) من الشَّراب، أو المعنى: كأنَّهم سُكارى من شدَّة الأمر الَّذي أدهش عقولهم، وما هم بسُكارى على الحقيقة، كذا قرَّروه (٧)، قال في «فتوح الغيب»: وهو مُؤذِنٌ (٨) بأنَّ قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِسُكَارَى﴾ بيانٌ لإرادة معنى السُّكر من قوله تعالى: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ فإمَّا (٩) أن يراد به


(١) في (د): «التَّكثير»، وفي نسخةٍ كالمثبت.
(٢) زيد في (د): «لك».
(٣) في (م): «أو مقدار».
(٤) في (د): «بعث».
(٥) هذا صحيح إن كان هناك نسخة (وتسعون) بدل: (وتسعين)، والله أعلم.
(٦) في (د): «وجوده»، وزيد في (م): «من الهول».
(٧) في (ص): «قرَّره».
(٨) في غير (د) و (م): «يؤذن».
(٩) في غير (د) و (م): «فإنَّه إمَّا».

<<  <  ج: ص:  >  >>