للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّشبيه، كما تقول (١): وترى النَّاس كالسُّكارى، شُبِّهوا بالسُّكارى بسبب ما غشيهم من الخوف فبقوا مسلوبي العقول كالسَّكران، أو أن يُراد الاستعارة، كأنَّه قيل: ترى النَّاس خائفين، فوضع موضعه: «سُكارى» ولذا بيَّن بقوله: «من الخوف»، وصرَّح: «وما هم بسكُارى من الشَّراب»، ومن علامات المجاز صحَّة سلبه، كما إذا قلت للبليد: «حمارٌ» يصحُّ نفيه، وكذا هنا نفي السُّكر الحقيقيِّ بقوله: «وما هم بسكارى» مُؤكَّدًا بالباء؛ لأنَّ هذا السُّكر أمرٌ لم يُعهَد مثله (٢) (﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢]) تعليلٌ لإثبات السُّكر المجازيِّ لمَّا نفى عنهم السُّكرَ الحقيقيَّ، وهل هذا الخوف لكلِّ أحدٍ أو لأهل النَّار خاصَّةً؟ قال قومٌ: الفزع الأكبر وغيره يختصُّ بأهل النَّار، أمَّا أهل الجنَّة فيُحشَرون آمنين، قال تعالى: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] وقال آخرون: الخوف عامٌّ، والله يفعل ما يشاء (قَالُوا) أي: من حضر من الصَّحابة: (يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟) ولأبي الوقت: «ذاك» بألفٍ بدل (٣) اللَّام (قَالَ) : (أَبْشِرُوا) بقطع الهمزة وكسر المعجمة (فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ) بالرَّفع مبتدأٌ مُؤخَّرٌ، وفي «إنَّ» يُقدَّر ضمير الشَّأن محذوفًا، أي: فإنَّه منكم رجلٌ، ولأبي ذرٍّ: «رجلًا» بالنَّصب، وهو ظاهرٌ (وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ) بالرَّفع، ولأبي ذرٍّ: «ألفًا» بالنَّصب، كما مرَّ في «رجلٌ» و «رجلًا». وفي «سورة الحجِّ» [خ¦٤٧٤١]: «من يأجوج ومأجوج تسعَ مئةٍ وتسعة وتسعين، ومنكم واحدٌ … » الحديث، والحكم للزَّائد.

(ثُمَّ قَالَ) : (وَ) الله (الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا) أي: أمَّته المؤمنون به (رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا) سرورًا بهذه البشارة العظيمة (فَقَالَ) : (أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ. فَكَبَّرْنَا) سرورًا لذلك (فَقَالَ) (أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ) ولا يعارض هذا ما في «التِّرمذيِّ» -وحسَّنه- عن بُرَيدة مرفوعًا: «أهل الجنَّة عشرون ومئة صفٍّ،


(١) في غير (د) و (ص): «يُقال»، وفي (م): «نقول».
(٢) في (ص): «بمثله».
(٣) في (م): «بغير».

<<  <  ج: ص:  >  >>