للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) قيل: وكانت ابنة عمِّ فرعون، وقيل: من العماليق، وقيل: من بني إسرائيل من سبط موسى، وقال السُّهيليُّ: هي عمَّة موسى (وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ) أمُّ عيسى. وقال في «الكواكب»: ولا يلزم من لفظ الكمال نبوَّتهما؛ إذ هو مطلقٌ (١) لتمام الشَّيء وتناهيه في بابه، فالمراد: تناهيهما في جميع الفضائل الَّتي للنِّساء، وقد نُقِل الإجماع على عدم النُّبوَّة لهنَّ. انتهى. وهذا مُعارَضٌ بما نُقِل عن الأشعريِّ: أنَّ من النِّساء من نُبِّئ، وهن ستٌّ: حوَّاء وسارة وأمُّ موسى -واسمها يوخابذ (٢)، وقيل: أباذخا (٣)، وقيل: أياذخت (٤) - وهاجر وآسية ومريم، والضَّابط عنده: أنَّ من جاءه الملك عن الله بحكمٍ من أمرٍ أو نهيٍ أو بإعلامه شيئًا فهو نبيٌّ، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمورٍ شتَّى من ذلك من عند الله تعالى، ووقع التَّصريح بالإيحاء لبعضهنَّ في القرآن، قال الله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ … ﴾ [القصص: ٧] الآية. وقال تعالى بعد أن ذكر مريم والأنبياء بعدها: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ﴾ [مريم: ٥٨] فدخلت في عمومه. وقال القرطبيُّ: الصحيح أنَّ مريم نبيَّةٌ لأنَّ الله أوحى إليها بواسطة المَلَك، وأمَّا آسية فلم يأتِ ما يدلُّ على نبوَّتها، واستدلَّ بعضهم لنبوَّتها ونبوَّة مريم بالحصر في حديث الباب حيث قال: «ولم يكمُل من النِّساء إلَّا آسية ومريم» قال: لأنَّ أكمل النَّوع الإنسانيِّ الأنبياء ثمَّ الأولياء والصِّدِّيقون والشُّهداء، فلو كانتا غير نبيَّتين للزم ألَّا يكون في النِّساء وليَّةٌ ولا صدِّيقةٌ ولا شهيدةٌ، والواقع: أنَّ هذه الصِّفات في كثيرٍ منهنَّ موجودةٌ، فكأنَّه قال: لم يُنبَّأ من النِّساء إلَّا فلانةٌ وفلانةٌ، ولو قال: لم تثبت صفة الصِّديقيَّة أو الولاية أو


(١) في (د): «يُطلَق».
(٢) في (د): «يوخايذ».
(٣) في (د): «أياذخا».
(٤) في غير (د) و (س): «أباذخت».

<<  <  ج: ص:  >  >>