للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّهادة إلَّا لفلانةٍ وفلانةٍ لم يصحَّ، لوجود ذلك في غيرهنَّ، إلَّا أن يكون المراد بالحديث كمال غير الأنبياء، فلا يتمُّ الدَّليل على ذلك لأجل ذلك (١)، واحتجَّ المانعون بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي (٢) إِلَيْهِم﴾ [يوسف: ١٠٩]، وأُجيب بأنَّه لا حجَّة فيه، لأنَّ أحدًا لم يدَّعِ فيهنَّ الرِّسالة، وإنَّما الكلام في النُّبوَّة فقط.

(وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ) بنت أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَلَى النِّسَاءِ) أي: نساء هذه الأمَّة (كَفَضْلِ الثَّرِيدِ) بالمثلَّثة (عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) قيل: إنَّما مثَّلَ بالثَّريد لأنَّه أفضل طعام العرب، ولأنَّه ليس في الشِّبع أغنى غناءً منه، وقيل: إنَّهم كانوا يحملون الثَّريد فيما طُبِخ بلحمٍ، ورُوِي: «سيِّد الطَّعام اللَّحم» فكأنَّها (٣) فُضِّلت على النِّساء كفضل اللَّحم على سائر الأطعمة، والسِّرُّ فيه: أنَّ الثَّريد مع اللَّحم جامعٌ بين الغذاء واللَّذَّة والقوَّة وسهولة التَّناول (٤) وقلَّة المؤونة في المضغ وسرعة المرور في المريء، فضُرِب به مثلًا ليُؤذَن بأنَّها أُعطِيت مع حسن الخُلق حسن الخَلق وحلاوة المنطق وفصاحة اللَّهجة وجودة القريحة ورزانة الرَّأي ورصانة العقل والتَّحبُّب إلى البعل، فهي تصلح للتَّبعُّل والتَّحدُّث والاستئناس بها والإصغاء إليها، وحسبك أنَّها عقلت من النَّبيِّ ما لم يعقل غيرها من النِّساء، وروت ما لم يروِ مثلها من الرِّجال، وممَّا يدلُّ على أنَّ الثَّريد أشهى الأطعمة عندهم وألذُّها قول شاعرهم:

إذا ما الخبزُ تأدمُه بلحمٍ … فذاك أمانة الله الثَّريدُ قاله في «فتوح الغيب».

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «فضل عائشة» [خ¦٣٧٦٩] وفي «الأطعمة» [خ¦٥٤١٨]، ومسلمٌ في «الفضائل»، والتِّرمذيُّ في «الأطعمة»، والنَّسائيُّ في «المناقب» و «عِشْرة النِّساء»، وابن ماجه في «الأطعمة»، والله أعلم (٥).


(١) «لأجل ذلك»: ليس في (د).
(٢) في (د) و (س): «يُوحَى»، والمثبت موافقٌ للآية.
(٣) في (د): «فإنَّها».
(٤) في غير (د): «التَّنازل» ولعلَّه تحريفٌ.
(٥) «والله أعلم»: مثبتٌ من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>