للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجابته الجبال بصداها، وعكفت عليه الطُّيور، فصدى الجبال الَّذي يسمعه النَّاس اليوم من ذلك، وقيل: كان إذا تخلَّل الجبال فسبَّح الله جعلت الجبال تجاوبه بالتَّسبيح نحو ما يسبِّح، وقيل: كان إذا لحقه فتورٌ أسمعه الله تسبيح الجبال، تنشيطًا له، وثبت للكشميهنيِّ والمُستملي «سبِّحي معه» (﴿وَأَلَنَّا﴾) عطفٌ على ﴿آتَيْنَا﴾ (﴿لَهُ الْحَدِيدَ﴾) حتَّى كان في يده كالشَّمع والعجين، يعمل منه ما يشاء من غير نارٍ ولا ضرب مطرقةٍ، بل كان يفتله بيده مثل الخيوط، وذلك في قدرة الله يسيرٌ، وسقط لأبي ذرٍّ «﴿وَالطَّيْرَ﴾ إلى: ﴿الْحَدِيدَ﴾» (﴿أَنِ اعْمَلْ﴾) بأن اعمل (﴿سَابِغَاتٍ﴾) أي: (الدُّرُوعَ) الكوامل الواسعات الطِّوال تُسحب في الأرض، وذكر الصِّفة ويُعلَم منها الموصوف (﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبأ: ١٠ - ١١]) أي: (المَسَامِيرِ وَالحَلَقِ) أي: قدِّر (١) المسامير وحلق الدُّروع (وَلَا تُدِقَّ) بضمِّ الفوقيَّة وكسر الدَّال المهملة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «ولا تُرِقَّ» بالرَّاء بدل الدَّال (المِسْمَارَ) أي: لا تجعل مسمار الدِّرع دقيقًا، أو لا تجعله رقيقًا (فَيَتَسَلْسَلَ) يُقال: تسلسل الماء، أي: جرى، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «فَيَسْلَسَ (٢)» أي: فلا يستمسك (وَلَا تُعَظِّمْ) بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه مُشدَّدًا، أي: المسمار (فَيَفْصِمَ) أي: يكسر الحلق، اجعله على قدر الحاجة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيّ: «فينفصم» بزيادة نونٍ ساكنةٍ قبل الفاء، وهذا فيه نظرٌ، لأنَّ دروعه (٣) لم تكن مُسمَّرةً، ويؤيِّده قوله: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ والمعنى: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ أي: في نسجها بحيث يتناسب حلقها. قال قتادة: وهو أوَّل من عملها من الحلَق، وإنَّما كانت قبل صفائح. وعند ابن أبي حاتمٍ: أنَّه كان يرفع كلَّ يومٍ درعًا فيبيعها بستَّة آلاف درهمٍ، ألفين له ولأهله، وأربعة آلافٍ يطعم بها بني إسرائيل خبز الحُوَّارَى، وقوله: «الزُّبر … » إلى (٤) هنا ثابتٌ في


(١) «قدِّر»: ليس في (د) و (م).
(٢) في (د): «فيسلسل»، وهو تحريفٌ.
(٣) في (د): «درعه».
(٤) «إلى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>