للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نبَّه به على ما عداه، فكلُّ ما شَغَلَ (١) صاحبَه عنِ الله ﷿ فهو فتنةٌ له، وكذلك المكفِّراتُ لا تختصُّ بما ذُكِرَ، بل نبَّه به على ما عداه، فذَكَرَ مِن عبادة الأفعالِ الصلاةَ، ومِن عبادة المال الصدقةَ، ومِن عبادة الأقوال الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر (٢)، والمكفَّرُ إنَّما هو الصغائرُ فقط، كما قررتُه غيرَ مرَّةٍ (قَالَ) أي: عمر: (لَيْسَتْ هَذِهِ) الفتنةُ أريدُ (وَلَكِنِ) الذي أُريدُه الفتنةُ (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ) تضطرِبُ كاضطرابِهِ عندَ هيجانِهِ، وكنَّى بذلك عن شِدَّة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك (قَالَ) حذيفةُ لعمرَ: (يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا) بفتح اللَّام، أي: لا يخرجُ شيءٌ مِنَ الفتن في حياتِكَ (قَالَ) عمرُ لحذيفةَ مستفهمًا منه: (يُفْتَحُ البَابُ) بإسقاطِ أداة الاستفهام وضمِّ أوَّلِه مبنيًّا للمفعول (أَو يُكْسَرُ؟ قَالَ) حذيفةُ: (لَا) يُفتحُ (بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ) عمرُ: (ذَاكَ) ولأبي ذرٍّ: «ذلك» أي: كسرُ البابِ (أَحْرَى) بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح الراء، أي: أجدرُ (أَنْ لَا يُغْلَقَ) زاد في «الصيام» [خ¦١٨٩٥]: «إلى يوم القيامة» وإنَّما قال ذلك لأنَّ العادة أنَّ الغَلْقَ إنَّما يقعُ (٣) في الصحيح، فأمَّا ما انكسرَ فلا يُتصوَّرُ غَلْقُه، قاله (٤) ابنُ بطَّالٍ، وقال النوويُّ: ويَحتملُ أن يكون حذيفةُ عَلِمَ أنَّ عمرَ يُقتلُ، ولكنه كره أن يخاطبَه بالقتل، لأنَّ عمرَ كان يعلمُ أنَّه البابُ، فأتى بعبارةٍ يحصُلُ بها المقصودُ بغيرِ تصريحٍ بالقتل. انتهى. وكأنَّه مثَّلَ الفِتَنَ بدارٍ، ومثَّلَ حياةَ عمرَ ببابٍ لها مغلقٍ، ومثَّل موتَه بفتح ذلك الباب، فما دامتْ حياةُ عمرَ موجودةً وهي (٥) الباب المغلقُ لا يخرجُ ممَّا هو داخلُ تلك الدار شيءٌ، فإذا مات فقد انفتح ذلك الباب وخرج ما في تلك الدار، وأخرج الخطيب في «الرواة عن مالك»: أنَّ عمر دخل على أمِّ كلثومٍ بنت علي


(١) في (د) و (م): «أشغل».
(٢) قوله: «والنهيَ عن المنكر»: مثبت من (د) و (م). ونبَّه الشيخ قطة بهامش البولاقية إلى أن قوله: «وليس التكفير … » إلى آخره، هكذا في عدّة نسخ وهو لا يلائم قوله: «فكل ما شغل … » إلى آخره، ويكون قوله: «وكذلك المكفرات … » إلى آخره، مكررًا معه، فلعل الأوفق أنّ أصل العبارة هكذا: «وليست الفتنة بمختصة بما ذكر بل نبه … » إلى آخره، تأمّل.
(٣) في النسخ: «يفتح»، ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) في (م): «قال».
(٥) في (د): «وهو».

<<  <  ج: ص:  >  >>