للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوجدها تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: هذا اليهودي -لكعب الأحبار- يقول: إنَّك بابٌ من أبواب جهنَّم، فقال عمر: ما شاء الله، ثم خرج فأرسل إلى كعب، فجاءه فقال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجَّة حتى تدخل الجنة، فقال: ما هذا؟ مرَّة في الجنة، ومرَّة في النار، فقال: إنا لنجدُك في كتاب الله (١) على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقتحموا فيها، فإذا متَّ اقتحموا. انتهى. قال أبو وائلٍ: (قُلْنَا) لحذيفة: (عَلِمَ البَابَ؟) ولأبي ذرٍّ: «عَلِمَ عمرُ البابَ؟» (قَالَ: نَعَمْ) عَلِمَه (كَمَا) يعلَمُ (أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ) أي: الليلةُ أقربُ مِنَ الغدِ، قال حذيفةُ: (إِنِّي حَدَّثْتُهُ) أي: عمرَ (حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ) بفتح الهمزة، جمع «أُغلوطة» بضمِّها، أي: حدَّثتُه حديثًا صادقًا (٢) مُحقَّقًا من حديث النبيِّ ، لا عنِ اجتهادٍ ورأيٍ، قال أبو وائلٍ: (فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ) أي: حذيفةَ: مَنِ البابُ (وَأَمَرْنَا) بالواو وسكون الراء (مَسْرُوقًا) هو ابنُ الأجدعِ أنْ يسألَه (فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنِ البَابُ؟ قَالَ) أي (٣): حذيفةُ: البابُ (عُمَرُ) ، وقولُ الزركشيِّ: في تفسير حذيفةَ بعمرَ إشكالٌ، فإن الواقع في الوجود يشهد أنَّ الأَولى بذلك أن يكون عثمانَ، لأنَّ قتلَه هو السبب الذي فرَّق كلمةَ الناس، وأوقع بينهم تلك الحروب العظيمة والفتن الهائلة، تعقَّبه البدرُ الدمامينيُّ فقال: لا خفاء أنَّ مبدأ الفتنة هو قتلُ عمرَ، فلا معنى لمنازعة حذيفة صاحبِ سرِّ رسولِ الله في أنَّ الباب هو عمرُ، ولعلَّ ذلك هو مِن جملةِ الأسرارِ التي ألقاها إليه ، وفي قوله (٤): «إنِّي حدَّثتُه حديثًا ليس بالأغاليط» إيماءٌ إلى ذلك، فينبغي تلقِّي قولَه بالقبول، وإنَّما يَحمِلُ على الاعتراضِ على مثلِ هؤلاء السادة الجِلَّة إعجابُ المعترِضِ برأيه ورضاه عن نفسه، وظنُّه أنَّه تأهَّلَ للاعتراض حتى على الصحابة، وهو دون ذلك كلِّه. انتهى. فالله تعالى يرحمُ البدر، فلقد بَالَغَ، ولا يلزمُ مِنَ الاستشكالِ (٥) وعدمِ فهمِ


(١) لم يرد اسم الجلالة في (ص).
(٢) في (م): «صدقا».
(٣) «أي»: ليس في (د).
(٤) في (د) و (م): «وفي قول حذيفة».
(٥) في (د): «الإشكال».

<<  <  ج: ص:  >  >>