للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنسًا (يَقُولُ) أيضًا: شُقَّ (مِنْ قَصِّتهِ) بفتح القاف وتشديد الصَّاد المُهمَلة، رأس صدره (إِلَى شِعْرَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ) بضمِّ الهمزة (بِطَسْتٍ) بفتح الطَّاء وسكون السِّين المُهمَلتين (مِنْ ذَهَبٍ) قبل تحريم استعماله (مَمْلُوءَةٍ) بالتَّأنيث على لفظ الطَّست؛ لأنَّها مُؤنَّثةٌ، وبالجرِّ على الصِّفة (إِيمَانًا) نُصِب على التَّمييز (١)، مُلِئ حقيقةً، وتجسيدُ المعاني جائزٌ كتمثيل الموت كبشًا، أو مجازًا من باب التَّمثيل؛ كما مُثِّلت له الجنَّة والنَّار في عرض الحائط [خ¦٥٤٠] وفائدتُه: كشفُ المعنويِّ بالحسِّيِّ (فَغُسِلَ) بضمِّ الغين، أي: غَسَلَ جبريلُ (قَلْبِي) وفي «مسلمٍ» كالمؤلِّف في «كتاب الصَّلاة» [خ¦٣٤٩] «بماءِ زمزمَ» لأنَّه أفضل المياه، وفيه تقوية القلب (ثُمَّ حُشِيَ) بضمِّ المهملة وكسر المُعجَمة، إيمانًا وحكمة، وفي «الصَّلاة»: «ثمَّ جاء بطستٍ من ذهبٍ ممتلئٍ حكمةً وإيمانًا، فأفرغه في صدري، ثمَّ أطبقه».

(ثُمَّ أُعِيدَ) موضعه من الصَّدر المُقدَّس، وإنَّما أُتِي بالطَّست لأنَّه أشهر آلات الغسل عُرْفًا، وبالذَّهب لكونه أعلى الأواني الحسِّيِّة وأصفاها، وحكمة الغسل ليتقوَّى على استجلاء الأسماء الحسنى والثُّبوت في المقام الأسنى، وقد أنكر القاضي عياضٌ شقَّ الصَّدر المُقدَّس ليلة الإسراء، وقال: إنَّما كان ذلك وهو صغيرٌ في بني سعدٍ عند مرضعته حليمة، وتعقَّبوه: بأنَّ ذلك وقع مرَّتين؛ الأولى: عند حليمة (٢) لنزع العَلَقة التي قيل له عندها: هذا حظُّ الشَّيطان منك؛ ولذا نشأ على أكمل الأحوال من العصمة، والثَّانية: عند الإسراء، وقد روى الطَّيالسيُّ والحارث في «مُسنَديهما» من حديث عائشة : أنَّ الشَّقَّ وقع مرَّةً أخرى عند مجيء جبريل له بالوحي في غار حراء لزيادة الكرامة، وليتلقَّى الوحي بقلبٍ قويٍّ على أكمل الأحوال من التَّقديس، وقد وقع في ذلك من الخوارق ما يدهش السَّامع (٣)، فسبيلنا الإيمان به والتَّسليم من غير أن نتكلَّف إلى التَّوفيق بين المنقول والمعقول؛ للتبرُّؤ ممَّا


(١) في (م): «التَّمثيل».
(٢) زيد في (م): «وهو صغيرٌ».
(٣) في (م): «المسامع».

<<  <  ج: ص:  >  >>