للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسَى الأشعَريِّ من جهةِ عليٍّ، وعَمرو بن العَاص من جهةِ معاوية، فقال عَمرو لأبي موسَى: قُم فأعلِم النَّاس بما اتَّفقنا عليه، فخطبَ أبو موسَى فقال في خطبتهِ: أيُّها النَّاس، إنَّا قد نظرنا في هذهِ فلم نرَ أمرًا أصلح لها ولا ألمَّ لشعثِها من رأي اتَّفقتُ أنا وعَمرو عليهِ، وهو أنَّا نخلع عليًّا ومعاويةَ ونتركُ الأمر شُورى، ونستقبلُ للأمَّة هذا الأمر فيولُّوا عليهم من أحبُّوه، وإنِّي قد خلعتُ عليًّا ومعاوية، ثمَّ تنحَّى وجاء عَمرو فقام مقامَه، فحمدَ الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: إنَّ هذا قد قال ما سمعتُم، وأنَّه قد خلَع صاحبه، وإنِّي قد خلعته كما خلعَه، وأثبتُّ صاحبي معاوية فإنَّه وليُّ عُثمان والمطَالِبُ بدمهِ، وهو أحقُّ النَّاس، فلمَّا انفصلَ الأمرُ على هذا (خَطَبَ مُعَاوِيَةُ قَالَ) معرِّضًا بابن عُمر وأبيه: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ) أمرِ الخلافة (فَلْيُطْلِعْ) بسكون اللام الأولى وكسر الثانية وضم التحتية (لَنَا قَرْنَهُ) بفتح القاف وسكون الراء وفتح النون، أي: فليُبْد لنا رأسَهُ، أو صفحةَ وجههِ، والقرنَان في الوجهِ، أي: فليُظهر لنا نفسَه ولا يُخفها (١) (فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ) بأمرِ الخلافة (مِنْهُ) من عبدِ الله بن عُمر (وَمِنْ أَبِيهِ) عُمر، ولعلَّ معاوية كان رأيهُ في الخِلافة تقديم الفاضِل في القوَّة والمعرفَة والرَّأي على الفاضِل في السَّبق إلى (٢) الإسلامِ والدِّين، فلذا أطلقَ أنَّه أحقُّ، ورأى ابنُ عمر خلافَ ذلك، وأنَّه لا يبايَعُ المفضول إلَّا إذا خَشِي الفِتْنةَ، ولذا بايعَ بعد ذلك معاويَة، ثمَّ ابنه يزيد، ونهى بَنِيْهِ عن نقضِ بيعتِه، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في «الفتنِ» [خ¦٧٢٠٣] بعون الله تعالى وفضله؛ ولذا (قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ) بميمين مفتوحتين وسكون السين المهملة، ابنِ مالكِ بنِ وهبٍ الفِهريُّ، الصَّحابيُّ الصَّغير لابن عمر: (فَهَلَّا أَجَبْتَهُ؟) أي: معاويةَ عمَّا قاله (قَالَ عَبْدُ اللهِ) بنُ عمر: (فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي) بضم الحاء المهملة (٣) وسكون الموحدة، ثوبٌ يُلقى على الظَّهر ويربَط طرفَاه على السَّاقين بعد ضمِّهما (وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ) له: (أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ) أمرِ الخلافَة (مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ) أبا سُفيان يوم أُحُد ويوم الخَندق (عَلَى الإِسْلَامِ) وأنتما حينئذٍ كافرانِ، وهو عليُّ بنُ أبي طالبٍ (فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الجَمْعِ) بسكون الميم،


(١) في (ص): «يخفيها».
(٢) في (م): «على».
(٣) «المهملة»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>