للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّماوات والأرض (وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ) من قِبَلِ أنفسهم واصطلاحهم، بل حرَّمها الله تعالى بوحيه، فتحريمها ابتدائيٌّ من غير سببٍ يُعزَا لأحدٍ، فلا مدخل فيه لنبيٍّ ولا لغيره، ولا تنافيَ بين هذا وبين ما رُوِيَ أنَّ إبراهيم حرَّمها (١) [خ¦٢١٢٩] إذِ المراد أنَّه بلَّغ تحريم الله وأظهره بعد أن رفع البيت وقت الطُّوفان، واندرست حرمتها، وإذا كان كذلك (فَلَا يَحِلُّ لاِمْرِئٍ) بكسر الرَّاء كالهمزة إذ هي تابعةٌ لها في جميع أحوالها، أي: لا يحلُّ لرجلٍ (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ) يوم (٢) القيامة، إشارةٌ إلى المَبْدَأ والمَعَاد، والنِّساء شقائق الرِّجال (٣) (أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا) بكسر الفاء، وقد تُضَمُّ، وهما لغتان، قال في «العُبَاب»: سفكت الدَّم أسفِكه وأسفُكه سفكًا، وفي رواية المُستملي والكُشْمِيهَنيِّ: «فيها» بدل «بها»، والباء بمعنى: «في»، و «أن» مصدريَّةٌ، أي: فلا يحلُّ سفك دمٍ فيها (٤)، والسَّفك: صبُّ الدَّم، والمُرَاد به: القتل (وَ) أن (لَا يَعْضِدَ بِهَا) بفتح المُثنَّاة التَّحتيَّة وتسكين العَيْن المُهمَلَة وكسر الضَّاد المُعجَمَة آخره دالٌ مهملة مفتوحة، أي: يقطع بالمِعْضَدِ؛ وهو آلة كالفأس (شَجَرَةً) أي: ذات ساقٍ، و «لا» زيدَت لتأكيد معنى النَّفيِ، أي: لا يحلُّ له أن يَعْضِدَ (فَإِنْ) ترخَّص (أَحَدٌ تَرَخَّصَ) برفع «أحدٌ» بفعلٍ مُقدَّرٍ يفسِّره ما بعده، لا بالابتداء لأنَّ «إنْ» من عوامل الفعل، وحُذِفَ الفعل وجوبًا لئلا يجمع بين


(١) زيد في (م): اسم الجلالة.
(٢) «يوم»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) «والنِّساء شقائق الرِّجال»: مثبتٌ من (م).
(٤) في (ص) و (م): «بها».

<<  <  ج: ص:  >  >>