للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ) (لَيْلًا) بوصيَّةٍ منها كما عند ابن سعدٍ؛ إرادةً لزيادةِ التَّستُّر (وَلَمْ يُوْذِنْ) بغير همزة في «اليونينية»، وبه في «النَّاصرية» أي: ولم يُعلم (بِهَا أَبَا بَكْرٍ) لأنَّه ظنَّ أنَّ ذلك لا يخفى عنه، وليس فيه ما يدلُّ على (١) أنَّه لم يَعلم بموتِها ولا صلَّى عليها (وَصَلَّى عَلَيْهَا) أي: عليٌّ، وعند ابنِ سعد (٢): أنَّ العبَّاسَ صلَّى عليها (وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ) أي: يحترمونَه (حَيَاةَ فَاطِمَةَ) إكرامًا لها (فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ) لأنَّهم قصروا (٣) عن ذلك الاحترامِ؛ لاستمرارهِ على عدمِ مبايعةِ أبي بكرٍ، وكانوا يعذُرُونَه أيَّام حياتِها عن تأخُّره عن ذلك باشتغالهِ بها وتسليةِ خاطرها (فَالتَمَسَ) عليٌّ (مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ) أبا بكرٍ (تِلْكَ الأَشْهُرَ) السِّتَّة، إمَّا لاشتغاله بفاطمةَ كما مرَّ، أو اكتفاءً بمن بايعه؛ إذ لا يشترطُ استيعابُ كلِّ أحدٍ، بل يكفي الطَّاعة والانقياد (فَأَرْسَلَ) عليٌّ (إِلَى أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق (٤) (أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ؛ كَرَاهِيَةً) منه (لِمَحْضَرِ عُمَرَ) مصدرٌ ميميٌّ، بمعنى: الحضور، ولأبي ذرٍّ «ليَحْضر عمر» وذلك لِمَا عرَفوه من قوَّة عمر وصلابتهِ في القول والفعل، فربَّما تَصْدُر منه معاتبةٌ تُفضي إلى خلافِ ما قصدوه من المصافاةِ (فَقَالَ عُمَرُ) لمَّا بلغه ذلك لأبي بكرٍ (لَا وَاللهِ، لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ) فربَّما تركُوا من تعظيمك ما يجبُ لك (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) : (وَمَا عَسَِيْتَهُمْ) بكسر السين وفتحها (أَنْ يَفْعَلُوا) ولأبي ذرٍّ «أن يفعلوه» (بِي) أي: عليٌّ ومن معه.

قال ابنُ مالكٍ: فيه شاهدٌ على صحَّة تضمينِ بعض الأفعال معنى فعلٍ آخر، وإجرائهِ مجراهُ


(١) «على»: ليست في (ص).
(٢) في (د): «ابن إسحاق» بدل: «ابن سعد».
(٣) في (ب) و (د): «تغيروا».
(٤) «الصديق»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>