للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّقفيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانيُّ (عَنْ مُحَمَّدٍ) أي: ابنِ سيرينَ (عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ) هو عبدُ الرحمن (عَنْ) أبيهِ (أَبِي بَكْرَةَ) نُفَيعِ بنِ الحارثِ (عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه (قَالَ) يومَ النَّحرِ في حجَّةِ الوداعِ: (الزَّمَانُ) هو اسمٌ لقليلِ الوقتِ وكثيرهِ، وأرادَ ههنا السَّنة (قَدِ اسْتَدَارَ) استدارةً (كَهَيْئَةِ) كذا في «اليونينية» وغيرها، وفي الفَرْع: «كهيئته» بهاء بعد فوقية، أي: مثلَ حالتِه (يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) وسقطَتِ الجلالةُ من «اليونينية» وثبتت في فرعها فالكاف صفة مصدر محذوف، ودارَ: استدارَ، بمعنَى طافَ حولَ الشَّيءِ، وإذا عادَ إلى الموضعِ الَّذي ابتدأَ منهُ، والمعنى: أنَّ العربَ كانُوا يؤخِّرونَ المحرَّم إلى صفر، وهو النَّسيءُ المذكور في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٣٧] ليقاتِلُوا فيه، ويفعلون ذلك كلَّ سنةٍ بعد سنةٍ، فينتقلُ المحرَّم من شهرٍ إلى شهرٍ حتَّى جعلوهُ في جميعِ شهورِ السَّنةِ، فلمَّا كانت تلك السَّنةُ قد (١) عادَ إلى زمنهِ المخصوصِ به قيل: دارتِ السَّنةُ كهيئتِها الأولى.

(السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) جملةٌ مبينةٌ للجملةِ الأولى، والمعنى: أنَّ الزَّمانَ في انقسامهِ إلى الأعوامِ، والأعوام إلى الأشهرِ، عادَ إلى أصلِ الحسابِ والوضع الَّذي اختارهُ الله، ووضعهُ يومَ خلقَ السَّمواتِ والأرض (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي «ثلاث» (مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ) للقعودِ عن القتالِ (وَذُو الحِجَّةِ) للحجِّ (وَالمُحَرَّمُ) لتحريمِ القتالِ فيه (وَ) واحدٌ فردٌ، وهو (رَجَبُ مُضَرَ) عطفٌ على قولهِ «ثلاثةٌ»، وأضافه إلى (٢) مُضر؛ لأنَّها كانَتْ تحافظُ على تحريمهِ أشدَّ من محافظةِ سائرِ العربِ، ولم يكن يستحلُّه أحدٌ من العربِ (الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى) بضم الجيم وفتح الدال (وَشَعْبَانَ) قالهُ تأكيدًا وإزاحةً للرَّيبِ الحادث فيهِ من النَّسيءِ (أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟!) قال القاضِي البيضاويُّ: يريد به تذكارهُم حرمةَ الشَّهرِ وتقريرها في نفوسِهم؛ ليبني عليه ما أرادَ تقريرهُ (قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) مراعاةً للأدبِ وتحرُّزًا عن التَّقدُّم


(١) «قد»: ليست في (س).
(٢) «إلى»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>