للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بين يدَي الله ورسوله، وتوقُّفًا فيما لا يعلم الغرض من السُّؤال عنه (فَسَكَتَ) (حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ) : (أَلَيْسَ ذُو الحِجَّةِ؟) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ «ذا الحجَّة» بالنصب خبرُ «ليس» (قُلْنَا: بَلَى) يا رسولَ الله (قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ: أَلَيْسَ) هو (البَلْدَةَ؟) نصب خبر «ليس» وبالتأنيث يريد مكَّة، والألف واللام للعهد (قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ) قال التُّورِبِشتيُّ: أرادَ أموالَ بعضكُم على بعضٍ.

(قَالَ مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سيرين: (وَأَحْسِبُهُ) أي: أبا بكرةَ (قَالَ) في روايته: (وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) أي: أنفسكُم وأحسابكُم، فإنَّ العِرضَ يُقالُ للنَّفسِ والحسب. قاله التُّورِبِشتيُّ، وتُعقِّبَ: بأنَّه لو كان المرادُ من الأعراض النُّفوس لكان تكرارًا؛ لأنَّ ذكر الدِّماءِ كاف؛ إذ المرادُ بها النُّفوسُ.

وقال الطِّيبيُّ: الظَّاهر أن يرادَ بالأعراضِ: الأخلاق النَّفسانيَّة، والكلامُ فيها يحتاجُ إلى فضلِ تأمُّلٍ، فالمراد بالعِرضِ هنا الخلق، والتَّحقيقُ ما ذكره ابنُ الأثير: إنَّ العِرْضَ موضعُ المدحِ والذَّمِّ من الإنسانِ، سواءٌ كان في نفسهِ أو في سلفهِ، ولمَّا كان موضع العِرضِ النَّفس (١) قال من قال: العِرضُ النَّفسُ (٢) إطلاقًا للمحلِّ على الحالِّ، وحينَ كان المدحُ (٣) نسبة الشَّخصِ إلى الأخلاقِ الحميدةِ، والذَّمُّ نسبتهُ إلى الذَّميمةِ، سواءٌ كانت فيه أو لا، قال من قال: العِرضُ الخلقُ؛ إطلاقًا لاسمِ اللَّازم على الملزومِ.

وشبَّه ذلك في التَّحريم بيوم النَّحر وبمكَّة وبذِي الحجَّة فقال: (كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) لأنَّهم كانُوا يعتقدون أنَّها محرَّمةٌ أشدَّ التَّحريمِ لا يُستباحُ منها شيءٌ، وفي تشبيهِ هذا مع بيانِ حرمةِ الدِّماءِ والأموالِ تأكيد (٤) حرمة تلكَ الأشياء الَّتي شبَّه بتحريمها الدِّماءَ والأموالَ.


(١) في (م): «النفسي».
(٢) في (م) و (ص) زيادة: «الخلق».
(٣) «المدح»: ليست في (ص) و (م).
(٤) في (ص): «تأبيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>