للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسكون الميم، نسبة إلى بني عمرو بن عوفِ بن مالكِ بن الأوس (وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِي) بتقديم القاف على الفاء، نسبةً إلى بنِي واقف بن امرئ القيسِ بنِ مالكِ بنِ الأوس. وعند ابنِ أبي حاتم من مرسلِ الحسن: أنَّ سببَ تخلُّف الأوَّل أنَّه كانَ له حائطٌ حينَ زَهَا، فقال في نفسهِ: قد غزوتُ قبلَها فلو أقمتُ عامِي هذا، فلمَّا تذكَّر ذنبهُ، قال: اللَّهُمَّ إنِّي أشهدكَ قد تصدَّقت به في سبيلكَ. وأنَّ الثاني كان له أهل تفرَّقُوا، ثمَّ اجتمعوا، فقال: لو أقمتُ هذا العامَ عندَهم، فلمَّا تذكَّر ذنبَهُ قال: اللَّهُمَّ لكَ عليَّ أن لا أرجعَ إلى أهلِي ولا مالِي (فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُإِسْوَةٌ) بضم الهمزة وكسرها.

وقد استُشكل: بأنَّ أهل السِّيرِ لم يذكُروا واحدًا منهما فيمَن شهدَ بدرًا، ولا يُعرفُ ذلك في غير هذا الحديثِ، وممَّن جزمَ بأنَّهما شهدَا بدرًا الأثرمُ وهو ظاهرُ صنيعِ (١) البخاريِّ، وتعقَّبَ الأثرَمَ ابنُ الجوزيِّ ونسبهُ إلى الغلطِ، لكن قال الحافظُ ابن حجرٍ: إنَّه لم يصبْ. قال: واستدلَّ بعض المتأخِّرينَ لكونهما لم يشهدَا بدرًا بما وقعَ في قصَّةِ حاطبٍ، وأنَّ النَّبيَّ لم يهجُرهُ ولا عاقَبَهُ مع كونهِ جسَّ عليه، بل قال لعمرَ لمَّا همَّ بقتلهِ: «وما يدريكَ، لعلَّ الله اطَّلعَ على أهلِ بدرٍ فقال: اعملُوا ما شئتُم فقَد غفرتُ لكُم». قال (٢): وأين ذنبُ الجسِّ؟ قال في «الفتح»: وليسَ ما استدلَّ به بواضحٍ؛ لأنَّه يقتضِي أنَّ البدريَّ عندَهُ إذا جنَى جنايةً ولو كبرتَ لا يعاقَبُ عليها، وليس كذلك، فهذا عمر -مع كونه المخاطَب بقصَّةِ حاطِبٍ- قد جلدَ قُدامةَ ابن مظعونٍ الحدَّ لمَّا شرِبَ الخمرَ وهو بدريٌّ، وإنَّما لم يعاقبْ حاطِبًا ولا هجرَهُ؛ لأنَّه قبِلَ عذرَهُ في أنَّه إنما كاتبَ قريشًا خشيةً على أهلهِ وولدهِ، بخلافِ تخلُّفِ كعبٍ وصاحبيهِ، فإنَّهم لم يكُن لهم عُذرٌ أصلًا.

قال كعب: (فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي) أي: الرَّجلينِ (وَنَهَى رَسُولُ اللهِ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ) بالرفع، أي: خصوصًا الثلاثةُ،


(١) في (م): «صنع».
(٢) «قال»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>