للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كقولهم: اللَّهُمَّ اغفِر لنَا أيَّتُها العِصابةُ. قال أبو سعيدٍ السِّيرافيُّ: إنَّه مفعول فعل محذوف، أي: أريد الثَّلاثةَ، أي: أخصُّ الثَّلاثة، وخالفه الجمهور وقالوا: «أي»: منادَى، و «الثَّلاثةُ»: صفةٌ لهُ، وإنَّما أوجبُوا ذلكَ لأنَّه في الأصلِ كان كذلك، فنقلَ إلى الاختصاصِ، وكل ما نقلَ من بابٍ إلى بابٍ فإعرابُهُ بحسبِ أصلِهِ، كأفعالِ التَّعجُّبِ (فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ) بفتح الموحدة (وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ) أي: تَغَيَّرَت (فِي نَفْسِي الأَرْضُ، فَمَا هِيَ) الأرضُ (الَّتِي أَعْرِفُ) لتوحُّشِها عليَّ، وهذا يجدهُ الحزينُ والمهمومُ في كلِّ شيءٍ، حتى يجدهُ في نفسهِ. قال السُّهيلي: وإنما اشتدَّ الغضبُ على من تخلَّفَ، وإن كان الجهادُ فرض كفايةٍ، لكنَّهُ في حقِّ الأنصارِ خاصَّةً فرضُ عينٍ؛ لأنَّهم بايعُوا على ذلك، ومصداقُ ذلك قولهم وهم يحفرُونَ الخندقَ:

نحنُ الذينَ بايَعُوا محمَّدا … على الجهادِ ما بقيْنَا أبدا

فكان تخلُّفُهم في هذهِ الغزوةِ كبيرة؛ لأنَّه كالنّكثِ لبيعتهِم. انتهى. وعند الشَّافعيَّة وجهٌ: أنَّ الجهادَ كان فرضَ عينٍ في زمنه (فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً) استنبطَ منه جواز

<<  <  ج: ص:  >  >>