للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للمنافقينَ في التخلُّفِ كقوله: ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣] (﴿وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ﴾) ثبت لأبي ذرٍّ «﴿وَالأَنصَارِ﴾» وفيه حثٌّ للمؤمنين على التوبةِ، وأنَّه ما من مؤمنٍ إلَّا وهو محتاجٌ إلى التَّوبةِ والاستغفارِ، حتَّى النَّبيّ والمهاجرين والأنصار (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٧ - ١١٩]) في إيمانِهم دونَ المنافقينَ، أو مع الذينَ لم يتخلَّفُوا (فَوَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ «بعدَ إذ» (هَدَانِي لِلإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللهِ أَنْ لَا أَكُونَ) أي: أن أكونَ (كَذَبْتُهُ) «فلا»: زائدة، كقوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢] (فَأَهْلِكَ) بكسر اللام والنصب، أي: فإن أهلِكَ (كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ) أي: قال قولًا شرَّ ما قالَ؛ بالإضافة أي: شرَّ القولِ الكائنِ لأحدٍ من النَّاسِ (فَقَالَ : ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ﴾) إذا رجعتُم إليهِم من الغزوِ (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّ اللّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٥ - ٩٦]) أي: فإنَّ رضاكُم وحدكُم لا ينفعُهُم إذا كان الله ساخطًا عليهم وكانُوا عُرضةً لعاجلِ عقوبتهِ وآجلِها.

(قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ حِينَ حَلَفُوا لَهُ) أن تخلُّفهم كان لعذرٍ (فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ) بالجيم والهمزة آخره، أي: أخَّرَ (رَسُولُ اللهِ أَمْرَنَا) أيُّها الثَّلاثةُ (حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ) بالتَّوبةِ (فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ) تعالى: (﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ﴾ [التوبة: ١١٨] وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا) بضم الخاء وكسر اللام المشددة وسكون الفاء (عَنِ الغَزْوِ، وإِنَّمَا) بالواو، ولأبي الوقتِ ولغيره «إنَّما» (هُوَ تَخْلِيفُهُ) بالخاء المعجمة (١) (إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ) أي: تأخيرهُ (أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ) (وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ) اعتذارهُ، والمراد على قوله: أنَّهم خلفُوا عن التَّوبةِ لا عن الغزوِ.

وقد أخرج المؤلِّف - رحمه الله تعالى - حديث غزوةِ تبوك وتوبةِ الله على كعبٍ في عشرةِ مواضعَ مطولًا ومختصرًا، وسبق بعضُها [خ¦٢٩٤٨] [خ¦٢٩٨٠] [خ¦٣٥٥٦] [خ¦٣٨٨٩] [خ¦٣٩٥١] ويأتي منها إن شاء الله تعالى في «الاستئذان» [خ¦٦٢٢٥] و «الأحكام» [خ¦٧٢٢٥]، وأخرجه مسلم في «التوبة»، وأبو داود في «الطَّلاق»، وكذا النَّسائيُّ.


(١) «بالخاء المعجمة»: ليست في (م) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>