للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«مسنده»: «يا أبتاهُ، مِن ربِّهِ ما أدنَاهُ» (فَلَمَّا دُفِنَ) (قَالَتْ فَاطِمَةُ : يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا) بالمثناة (١) الفوقية المفتوحة والحاء المهملة الساكنة والمثلثة المضمومة (عَلَى رَسُولِ اللهِ التُّرَابَ) سكتَ أنسٌ عن جوابها رعايةً لها (٢)، ولسانُ حالهِ يقول: لم تطبْ أنفسُنُا بذلك، إلَّا أنَّا قهرنَا على فعلِ ذلك امتثالًا لأمرهِ ، وليس قولها: واكربَ أباهُ، من النِّياحةِ؛ لأنَّه أقرَّها عليه.

وهذا الحديث أخرجه ابنُ ماجه في «الجنائز»، وقد عاشَتْ فاطمةُ بعده ستَّة أشهرٍ، فما ضحكَتْ تلكَ المدَّة وحقَّ لها ذلك، ورُوِيَ أنَّها قالت:

اِغْبرَّ آفاقُ السَّماءِ وكُوِّرتْ … شمسُ النَّهارِ وأظْلَمَ العَصْرانِ

والأرْضُ مِن بَعدِ النَّبيِّ كَئِيبةٌ … أَسَفًا عَلَيه كَثِيرةُ الرَّجَفَانِ

فَلْتَبْكِهِ شرقُ البِلادِ وغَرْبُها … ولْتَبْكِهِ مُضَرٌ وكُلُّ يَمَان

قال السُّهيليُّ: وقد كان موتُهُ خَطبًا كالِحًا، ورزءًا لأهلِ الإسلامِ فَادِحًا، كادَت تُهَدُّ لهُ الجبالُ، وترجُفُ الأرضُ، وتَكسِفُ النَّيِّرات (٣)؛ لانقطَاعِ خبرِ السَّماءِ، مع مَا آذَنَ به موتُهُ من إقبالِ الفِتنِ السُّحمِ، والحوادِثِ الدُّهمِ، والكُرَبِ المُدْلَهِمَّة، فلولا ما أنزلَ اللهُ من السَّكينةِ على المؤمنينَ، وأسرَجَ في قلوبِهِم من نورِ اليقينِ، وشرَحَ صدورَهُم من فَهْمِ كتابِهِ المبينِ؛ لانقصَمَت الظُّهورُ، وضاقَتْ من (٤) الكُرَبِ الصُّدُور، ولعاقَهُم الجَزَعُ عن تدبيرِ الأموْرِ، ولقد كان من قَدِمَ المدينةَ يومئذٍ من النَّاسِ إذا أشرَفُوا عليها سمِعُوا (٥) لأهلِهَا ضَجِيجًا، وللبُكاءِ في أرجَائِها عَجِيجًا، وحقَّ ذلكَ لهم ولمن بعدَهُم، كما رُوِي عن (٦) أبي ذؤيبٍ الهذليِّ قال: بلغنا أنَّ رسولَ الله عليلٌ، فاستَشعَرتُ (٧) حُزنًا، وبتُّ بأطولِ ليلةٍ، لا ينجَابُ


(١) «بالمثناة»: ليست في (د).
(٢) «لها»: ليست في (ب) و (م) و (د).
(٣) في (س): «النيران».
(٤) في (ص): «عن».
(٥) في (م): «يسمعوا».
(٦) في (م) زيادة: «ابن».
(٧) في (ص): «فاستشعرنا».

<<  <  ج: ص:  >  >>