للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انفرد بإخراجه (١) المؤلِّف دون مسلمٍ، وأخرجه التِّرمذيُّ من طريق حجَّاجٍ عن ابن جريجٍ، عن عبد الكريم، وزاد: «لمَّا نزلت غزوة بدرٍ؛ قال عبد الله بن جحشٍ وابن أمِّ مكتوم: إنَّا أعميان يا رسول الله، فهل لنا رخصةٌ؟ فنزلت: ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾ و ﴿فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ﴾ … ﴿عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ فهؤلاء القاعدون غير أولي الضَّرر، ﴿الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا. دَرَجَاتٍ مِّنْهُ﴾ على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضَّرر» وقال: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه من حديث ابن عبَّاسٍ، ومن قوله: «﴿دَرَجَةً﴾ … إلى آخره» مدرجٌ من قول ابن جريجٍ، كما بيَّنه (٢) الطَّبريُّ، وقال بدل قوله في رواية التِّرمذيِّ: «عبد الله بن جحشٍ»: أبو أحمد بن جحشٍ، وهو الصَّواب، واسم أبي أحمد هذا: عبدٌ؛ بغير إضافةٍ، وهو مشهورٌ بكنيته، والمعنى: لا مساواة بين القاعدين من غير عذرٍ وبين المجاهدين، وإن كان هذا معلومًا، لكنَّ فائدته -كما في «الكشَّاف» -: التَّذكير بما بينهما من التَّفاوت العظيم والبون البعيد، والتَّحريك إلى الجهاد، وقوله: «إنَّ جملة: ﴿فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ﴾ موضِّحةٌ لِمَا نُفِي من استواء القاعدين والمجاهدين، والمعنى: على القاعدين غير أولي الضَّرر» مع قوله بعد: «والمفضَّلون درجةً واحدةً هم الذين فُضِّلوا على القاعدين الأضرَّاء، والمفضَّلون درجاتٍ، الذين فُضِّلوا على القاعدين الذي أُذِن لهم في التَّخلف؛ اكتفاءً بغيرهم، لأنَّ الغزو فرض كفايةٍ» تعقَّبه في «التَّقريب» فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّه فسَّر ﴿الْقَاعِدِينَ﴾ بغير أولي الضَّرر، وإنَّما يستقيم على تفسيره بالأضرَّاء، كما في «المعالم»، وقال غيره: ولقائلٍ أن يقول: فعلى هذا لم يبقَ للاستثناء معنًى؛ لأنَّ التَّقدير: وفضَّل الله المجاهدين على القاعدين إلَّا أولي الضَّرر؛ فإنَّهم ليسوا بمفضَّلين، لكن قال في «فتوح الغيب»: إنَّ قوله: ﴿فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ﴾ جملةٌ موضِّحةٌ … إلى آخره (٣) المراد منه وما عطف عليه من قوله: ﴿وَفَضَّلَ اللّهُ﴾ الثَّاني؛ كلاهما بيانٌ للجملة الأولى، ولا بدَّ من التَّطابق بين البيان والمبيَّن، والمذكور في البيان شيئان، وليس في المبيَّن سوى ذكر: ﴿غَيْرُ (٤) أُوْلِي الضَّرَرِ﴾ فالواجب أن يقدَّر ما يوافقه من (٥) قوله: ﴿لاَّ يَسْتَوِي


(١) في (د): «بما أخرجه».
(٢) في (م): «نبَّه».
(٣) في (د) و (م): «إذ».
(٤) في (د): «ضرر».
(٥) في (ب) و (س): «في».

<<  <  ج: ص:  >  >>