للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(﴿لَعَمْرُكَ﴾ [الحجر: ٧٢]) معناه: (لَعَيْشُكَ) والعَمْر والعُمْر بفتح العين وضمِّها واحدٌ؛ وهما مدَّة الحياة، ولا يُستعمَل في القَسَم إلَّا بالفتح، وفي هذه الآية شرفُ نبيِّنا (١) محمَّدٍ ؛ لأنَّ الله تعالى أقسم بحياته، ولم يفعل ذلك لبشرٍ سواه على ما نُقِل عن ابن عبَّاسٍ، أو الخطاب هنا للوطٍ ، قالت الملائكة له ذلك، والتَّقدير: لعَمْرك قسمي، والقَسَم بالعمر في القرآن وأشعار العرب وفصيح كلامها (٢) في غير موضعٍ؛ وهو من الأسماء اللَّازمة للإضافة فلا يقطع عنها، ويضاف لكلِّ (٣) شيءٍ، لكن منعَ (٤) بعضُ أصحاب المعاني فيما ذكره الزَّهراويُّ إضافتَه إلى الله؛ لأنَّه لا يُقال: لله تعالى عُمْرٌ، وإنَّما هو بقاءٌ أزليٌّ، وقد سُمِع إضافته إلى الله تعالى قال:

إِذَا رَضِيتْ عَلَيَّ بَنُو قُشيرٍ … لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاها

ومنع بعضُهم إضافتَه إلى ياء المتكلِّم، قال: لأنَّه حلف بحياة المقسم، وقد ورد ذلك، قال النَّابغة:

لَعَمْرِي وما عُمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ … لقد نطقتْ بطلًا عليَّ الأقارعُ

(﴿قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٢] أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ) قيل: لأنَّهم سلَّموا ولم يكن من عادتهم، وقيل: لأنَّهم كانوا على صورة الشَّباب المُرْد، فخاف هجوم القوم، فقال هذه الكلمة؛ يعني: تُنكِرُكم نفسي وتَنْفِرُ عنكم، فقالت الملائكة: ما جئناك بما تنكِر بل جئناك بما يسرُّك، ويشفي لك من عدوِّك؛ وهو العذاب الَّذي توعَّدتهم (٥) به فيمترون فيه، وسقط قوله: «﴿لَعَمْرُكَ﴾ … » إلى هنا لأبي ذَرٍّ إلَّا في رواية المُستملي.

(وَقَالَ غَيْرُهُ) غير ابن عبَّاسٍ في قوله تعالى: (﴿إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤]) أي: (أَجَلٌ) أي: إنَّ الله تعالى لا يهلك أهل قريةٍ إلَّا ولها أجلٌ مقدَّرٌ كُتِب في اللَّوح المحفوظ (٦) أو كتابٍ مختصٍّ به.


(١) في (ج): «للنبي محمد، وبهامشها: بخطِّه: لنَبِيِّي».
(٢) في (د): «كلامهم».
(٣) في (د): «ويضاف إلى الله ولكلِّ».
(٤) في (م): «منعَه».
(٥) في (د): «توعَّدهم».
(٦) «المحفوظ»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>