للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا﴾ [الحجر: ٧]) أي: (هَلاَّ تَأْتِينَا) يا محمَّدُ بالملائكة؛ لتصديق دعواك إن كنت صادقًا، أو لتعذيبنا على تكذيبك؛ كما جاءت الأمم السَّابقة (١)، فإنَّا نصدِّقُك حينئذٍ، فقال الله تعالى: ما تنزَّل (٢) الملائكةُ إلَّا تنزيلًا ملتبسًا (٣) بالحقِّ، أي: الوجه الَّذي قدَّرناه واقتضته حكمتنا، ولا حكمة في إتيانكم؛ فإنَّكم لا تزدادون إلَّا عنادًا، وكذا لا حكمةَ في استئصالكم مع أنَّه سبقت كلمتنا بإيمان بعضكم أو أولادكم، وسقط لفظ «﴿تَأْتِينَا﴾» لأبي ذَرٍّ في غير روايته عن المُستملي (٤).

(﴿شِيَعِ﴾) في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: ١٠] معناه: (أُمَمٌ) قاله أبو عبيدة (وَ) يقال (لِلأَوْلِيَاءِ أَيْضًا: شِيَعٌ) وقال غيره: شيعٌ؛ جمع شيعة؛ وهي الفرقة المتَّفقة على طريقٍ ومذهبٍ؛ مِن شاعه إذا تبعه (٥)، ومفعول ﴿أَرْسَلْنَا﴾ في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ﴾ محذوفٌ، أي: أرسلنا رسلًا (٦) من قبلك دلَّ الإرسال عليهم، وفيه تسليةٌ للنَّبيِّ حيث نسبوه إلى الجنون، أي: عادة هؤلاء مع الرُّسل ذلك.

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابن أبي حاتمٍ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى في سورة هودٍ: ﴿وَجَاءهُ قَوْمُهُ﴾ (﴿يُهْرَعُونَ﴾ [هود: ٧٨]) أي: (مُسْرِعِينَ) إليه.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ (﴿لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥]) أي: (لِلنَّاظِرِينَ) قال ثعلبٌ: الواسم: النَّاظر إليك من قرنك إلى قدمك، وفيه معنى التَّثبُّت الَّذي هو الأصل في التَّوسُّم، وقال الزَّجَّاج: حقيقة المتوسِّمين في اللُّغة المتثبِّتين في نظرهم، حتَّى يعرفوا سمة الشَّيء وعلامَته؛ وهو استقصاء وجوه التَّعرُّف (٧)، قال:

أَوَكلَّما وَردتْ عُكاظَ قبيلةٌ … بعثتْ إليَّ عريفَها يتوسَّمُ


(١) في (د): «السَّالفة».
(٢) في (ب): «ننزل».
(٣) في (ب): «متلبِّسًا».
(٤) «وفي غير روايته عن المُستملي»: مثبتٌ من (د) و (م).
(٥) في (د): «اتَّبعه».
(٦) في (د): «رسلنا».
(٧) في (د): «التَّعريف».

<<  <  ج: ص:  >  >>