للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال غيرَ الواقع، ولا يلزمُ منه تعمُّدُه (حَدَّثَنِي) بالإفراد (أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ) الأنصاريُّ: (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ) نصٌّ في أنَّ موسى صاحبُ بني إسرائيل، ففيه ردٌّ على نوف البَِكالي (فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟) أي: منهم (فَقَالَ: أَنَا) أي: أعلمُ النَّاس، قاله بحسبِ اعتقاده؛ لأنَّه نبيُّ ذلك الزَّمان، ولا أحد في زمانه أعلمُ منه، فهو خبرٌ صادقٌ على المذهبين، على قول مَن قال: صِدقُ الخبر مطابقتُه لاعتقاد المخبر ولو أخطأ، وهذا في غاية الظهور، وعلى قول مَن قال: صِدُق الخبر مطابقتُه للواقع؛ فهو إخبارٌ عن ظنِّه الواقعِ له؛ إذ معناه: أنا أعلم في ظَنِّي واعتقادي، وهو كان يظنُّ ذلك قطعًا، فهو مطابقٌ للواقع، وهذا الذي قالوه (١) هنا أبلغ من قوله في «باب الخروج في طلب العلم» [خ¦٧٨]: «هل تعلم أنَّ أحدًا أعلمُ منك؟ فقال: لا» فإنَّه نفى هناك علمه، وهنا على البَتِّ (فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِذْ) بسكون الذَّال للتَّعليل (لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ) فيقول نحو: اللهُ أعلم، كما قالت الملائكة: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾ [البقرة: ٣٢] وعتب اللهُ عليه لئلَّا يقتدي به فيه مَن لم يبلغْ كمالَه في تزكيةِ نفسِهِ وعلوِّ درجته من أمَّته فيهلِك؛ لِمَا تضمَّنَه مِن مدح الإنسان نفسه، ويورثه ذلك من الكِبْر والعُجْب والدَّعوى، وإنْ نُزِّه عن هذه الرذائل الأنبياءُ فغيرهم بمدرجة سبيلها (٢) ودَرْكِ ليلِها إلَّا مَن عصمَه الله، فالتحفُّظُ منها أَولى لنفسه وليُقتدى به، ولهذا قال نبينا تحفُّظًا مِن مثل هذا ممَّا قد عَلِمَ به: «أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ ولا فخرَ» ووجه الرَّدِّ عليه فيما ظنَّه كما ظنَّ نبيُّنا أنَّه لم يقع منه نسيانٌ في قِصَّة ذي اليدين (٣) (فَأَوْحَى اللهُ) ﷿ (إِلَيْهِ) إلى موسى (٤): (إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ) هو الخضر ، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «عند مجمع البحرين» (هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ) بشيءٍ مخصوص، لا يقتضي أفضليَّتَه به على موسى، كيف وموسى جُمِعَ له بين الرِّسالة والتكليم والتوراة، وأنبياءُ بني إسرائيل داخلون كلُّهم تحت شريعته، وغايةُ الخضرِ أن يكونَ كواحدٍ منهم (قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ، فَكَيْفَ


(١) في (ص): «ذكره». وقوله: «لأنَّه نبيُّ ذلك الزَّمان، ولا أحد في … فهو مطابقٌ للواقع، وهذا الذي قالوه»، سقط من (د).
(٢) في (ب) و (س): «سيلها».
(٣) قوله: «كما قالت الملائكة: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾ … يقع منه نسيانٌ في قِصَّة ذي اليدين»، سقط من (د).
(٤) «إلى موسى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>