للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِي بِهِ؟) أي: كيف يتهيَّأ ويتيسَّرُ لي أن أظفر به؟ (قَالَ: تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا) مِنَ السَّمك (فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ) بكسر الميم وفتح الفوقيَّة؛ الزنبيل الكبير، ويُجمع على مكاتِل (فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ) بفتح القاف، أي: تغيَّبَ عن عينيك (فَهْوَ) أي: الخضر (ثَمَّ) بفتح المثلَّثة، أي: هناك (فَأَخَذَ) موسى (حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ) كما وقع الأمر به (ثُمَّ انْطَلَقَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ (١)) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «معه فتاه» (يُوشَعَ بْنِ نُونٍ) بالصَّرف كـ «نوح» (حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ) التي عند مجمع البحرين (وَضَعَا رُؤُوْسَهُمَا فَنَامَا) بالفاء، ولأبي ذَرٍّ عنِ الحَمُّويي والمُستملي: «وناما» (وَاضْطَرَبَ الحُوتُ) أي: تحرَّكَ (فِي المِكْتَلِ) لأنَّه أصابه مِن ماء عين الحياة الكائنة في أصل الصخرة شيءٌ؛ إذ إصابتها مقتضيةٌ للحياة (فَخَرَجَ مِنْهُ، فَسَقَطَ فِي البَحْرِ ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ﴾) أي: طريقَه (﴿فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ [الكهف: ٦١]) أي: مَسْلَكًا (وَأَمْسَكَ اللهُ عَنِ الحُوتِ جِرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ) أي: مثلَ عقدِ البناء، وعند مسلمٍ من رواية أبي إسحاق: «فاضطرب الحوت في الماء، فجعل يلتئِمُ عليه حتى صار مثل الكوَّة» (فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ) موسى (نَسِيَ صَاحِبُهُ) يوشع (أَنْ يُخْبِرَهُ بِالحُوتِ) أي: بما كان مِن أمره (فَانْطَلَقَا) سائرين (بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا) بنصب الفوقيَّة (حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ قَالَ مُوسَىَ لِفَتَاهُ) يوشع: (﴿آتِنَا غَدَاءنَا﴾) بفتح الغين ممدودًا، أي: طعامَنا الذي نأكلُه أوَّل النَّهار (﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف: ٦٢]) أي: تعبًا، ومرادُه: السَّيرُ بقيةَ اليوم والذي يليه، وفي الإشارة بهذا إشعارٌ بأنَّ هذا المسير كان أتعبَ لهما ممَّا سبق، فإنَّ رجاءَ المطلوبِ يُقَرِّبُ البعيد، والخيبة تُبعِدُ القريبَ؛ ولذا (قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ) فألقى عليه الجوع والنَّصب (فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ) يوشع: (﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾) أي: فإنِّي نسيتُ أن أخبرَك بخبرِ الحوت، ونَسَبَ النِّسيانَ لنفسه؛ لأنَّ موسى كان نائمًا إذ ذاك، وكره يوشَعُ أن يوقظَه، ونسيَ أن يُعْلِمَهُ بعدُ لِمَا قدَّرَه (٢) اللهُ تعالى عليهما مِن الخُطا.


(١) زيد في (ص): «يوشع».
(٢) في (د): «قدَّر».

<<  <  ج: ص:  >  >>