للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن (١) علم الشَّريعة الذي لا يجوز لآحاد المكلَّفين الخلوَّ عنه؟! وهذا لا يخفى ما فيه من الخطر العظيم، واحتجَّ لذلك بقوله: إنَّه أراد الجمع في الحكم والقضاء تمسُّكًا بحديث السَّارق في زمنه ، قال: «اقتلوه» فقيل: إنَّما سرق، فقال: «اقطعوه» إلى أن أتى على قوائمه الأربع، ثم سَرَق في زمن الصِّدِّيق بفيه فأمر بقتله، قلت: وهو مرويٌّ عند الدَّارقطنيِّ من حديث جابر بلفظ: إنَّ النَّبيَّ أُتي بسارق فقطع يده، ثم أُتي به ثانيًا فقطع رجله، ثم أُتي به ثالثًا فقطع يده، ثم أُتي به رابعًا فقطع رجله، ثم أتي به خامسًا فقتله، وفيه محمَّد بن يزيد بن سنان (٢)، وقال الدَّارقطنيُّ -فيما حكاه الحافظ ابن حجرٍ في «أمالي الرَّافعي» - إنَّه ضعيفٌ، قال: ورواه أبو داود والنَّسائي بلفظ: «جيء بسارقٍ إلى رسول الله فقال: اقتلوه، فقالوا (٣): يا رسول الله إنَّما سرق، قال: اقطعوه فقُطع، ثم جيءَ به الثَّانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله؛ إنَّما سرق، قال: اقطعوه (٤) فذكره كذلك، قال: فجيء به الخامسة، فقال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النَّعَم فاستلقى على ظهره، فقتلناه، ثم اجتررناه فألقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة»، وفي إسناده مصعب بن ثابت، وقد قال النسائيُّ: ليس بالقوي، وهذا الحديث منكر، ولا أعلم فيه حديثًا صحيحًا، ورواه النَّسائيُّ والحاكم عن الحارث بن حاطب الجُمَحيِّ، وأبو نُعيم في «الحلية» عن عبد الله بن زيد الجُهنِّي، وقال ابنْ عبد البَرِّ: حديثُ القتل منكرٌ لا أصلَ له، وقال الشَّافعيُّ: منسوخٌ، لا خلاف فيه عند أهل العلم. انتهى. وهذا لا دلالة فيه أصلًا على ما ادَّعاه من مراده على ما لا يخفى، ولئن سلَّمنا ذلك كان عليه أن يُلحق ذلك في مجموعه المذكور عقب قوله ذلك؛ ليَسْلَمَ من وَصْمَةِ الإطلاق؛ إذِ المراد لا يدفع الإيراد، لكنا لا نسلِّمُه، فتأمَّلْه.


(١) في (ب) و (س): «من».
(٢) في (د): «بن يسار»، وفي غيرها: «بن سبأ»، والمثبت هو الصَّواب.
(٣) في (ص): «فقيل».
(٤) قوله: «فقُطع، ثم جيءَ به الثَّانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله؛ إنَّما سرق، قال: اقطعوه»، سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>