للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالَ مُوسَى: ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ صَابِرًا﴾) على ما أرى منك غيرَ منكِرٍ عليك، وعلَّق الوعدَ بالمشيئة للتَّيمُّن، أو عِلمًا منه بشدَّة الأمر وصعوبته؛ فإنَّ مشاهدة الفساد شيءٌ لا يُطاق (﴿وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ [الكهف: ٦٩]) أي: ولا أُخالفُك في شيءٍ (فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ﴾) تُنكِرُه منِّي ولم تعلم وجه صِحَّتِه (﴿حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٧٠]) حتى أبدأَك أنا به قبل أن تسألَني (﴿فَانطَلَقَا﴾) لمَّا توافقا، واشترط عليه ألَّا يسأله عن شيءٍ أنكرَه عليه حتى يبدأ به (يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ) أي: موسى والخضر ويوشع كلَّموا أصحاب السفينة (أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا) أي: أصحاب السفينة (الخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ) أي: الخضر ومَن معه، ولأبي ذَرٍّ: «فحملوهم» (١) وله أيضًا: «فحُمِلُوا» أي: الثَّلاثة، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه (بِغَيْرِ نَوْلٍ) بفتح النُّون؛ بغير أجرٍ إكرامًا للخضر (فَلَمَّا رَكِبَا) موسى والخضرُ (فِي السَّفِينَةِ) لم يَذكر يُوشَع؛ لأنَّه تابع غيرُ مقصودٍ بالأصالة (لَمْ يَفْجَأْ) موسى بعد أن صارت السَّفينةُ في لجَّةِ البحرِ (إِلَّا وَالخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالقَدُومِ) بفتح القاف وضمِّ الدَّال المهملة المخفَّفة (٢)، فانخرقت (فَقَالَ لَهُ مُوسَى) منكِرًا عليه بلسان الشَّريعة: هؤلاء (قَوْمٌ حَمَلُونَا) ولأبي ذرٍّ: «قد حملونا» (بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ) بفتح الميم (إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) قيل: اللَّام في «لِتُغرِقَ» للعلَّة، ورُجِّح كونَها للعاقبة؛ كقوله:

..................... … لِدُوا لِلْمَوْتِ وابنُوا لِلْخَرَابِ

(﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ [الكهف: ٧١]) عظيمًا أو مُنكَرًا (﴿قَالَ﴾) الخضرُ مُذَكِّرًا لِمَا مرَّ مِنَ الشَّرط: (﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٢]) استفهامٌ إنكاريٌّ (﴿قَالَ﴾) موسى للخضرِ: (﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾) من وصيَّتِكَ.

وفي هذا النِّسيان أقوالٌ:


(١) عزاها في اليونينية إلى رواية كريمة.
(٢) «المخففة»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>