للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدُها: أنَّه على حقيقته لِمَا رأى فعلَه المؤدِّي إلى إهلاك الأموال والأنفس؛ فلِشدَّة غضبه لله نَسِيَ، ويؤيِّدُه قوله في هذا الحديث قريبًا: «وكانت الأولى من موسى نسيانًا» [خ¦٤٧٢٦].

الثَّاني: أنَّه لم ينسَ ولكنَّه مِن المعاريض، وهو مرويٌّ عنِ ابن عبَّاس؛ لأنَّه إنَّما (١) رأى العهد في أن يسأل، لا في إنكار هذا الفعل، فلمَّا عاتبه الخضِر بقوله: ﴿إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ﴾ قال: ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ أي: في الماضي، ولم يقل: إنِّي نسيتُ وصيَّتَك.

الثَّالث: أنَّ النِّسيان بمعنى التَّرك، وأطلقه عليه؛ لأنَّ النِّسيان سبب للترك؛ إذ هو من ثمراته، أي: لا تؤاخذني بما تركته ممَّا عاهدتك عليه، فإنَّ المرَّة الواحدة معفوٌّ عنها، ولا سيَّما إذا كان لها سببٌ ظاهرٌ.

(﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ [الكهف: ٧٣]) لا تضايقني بهذا القدر فتعسُر مصاحبتُك، أو لا تكلِّفني ما لا أقدرُ عليه (قَالَ) أُبيُّ بن كعبٍ: (وَقَالَ رَسُولُ اللهِ : وَكَانَتِ الأُولَى) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «وكانت في الأولى» (مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ) بضمِّ العين (فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً، فَقَالَ لَهُ) أي: لموسى (الخَضِرُ: مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ) أي: مِن معلومه، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «في علم الله» (إِلَّا مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْ هَذَا البَحْرِ) ونقصُ العصفورِ لا تأثيرَ له، فكأنَّه لم يأخذ شيئًا، ولا ريبَ أنَّ علمَ الله لا يدخُلُه نقصٌ (ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ) بعد أنِ اعتذر موسى له، وسأله ألَّا (٢) يرهقَه مِن أمرِه عسرًا، وقَبِلَ عُذْرَه وأجاب سؤالَه وأدامه (٣) على الصحبة (٤) (فَبَيْنَا) بغير ميم


(١) في (م): «لما».
(٢) «ألَّا»: ليس في (ص).
(٣) في (ص): «أدامته».
(٤) في (د): «وإدامة الصحبة».

<<  <  ج: ص:  >  >>