للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ولَشأني في نفسي كان أحقر من (١) أن يتكلم الله فيَّ بوحي … » إلى آخره فهذه صدّيقة الأمة، تعلم أنَّها بريئةٌ مظلومة، وأنَّ قاذفيها ظالمون لها مفترون (٢) عليها، وهذا كان احتقارها لنفسها، وتصغيرها لنفسها، فما ظنُّك بمَن صام يومًا أو يومين، أو شهرًا أو شهرين، أو (٣) قام ليلة أو ليلتين؛ فظهر عليه شيءٌ من الأحوال، فلُوحظ باستحقاق الكرامات والمكاشفات وإجابة الدعوات، وأنَّه ممَّن يُتبرَّك بلقائه، ويُغتنمُ صالحُ دعائِه، ويُتمسَّح بأثوابه (٤)، ويُقَبَّل ثرى أعتابه، فعَجِبَ مِن جهلهِ بنفسِه، وغَفَلَ عن جُرمِه، واغترَّ بإمهال الله عليه، فينبغي للعبد أن يستعيذ بالله أن يكون عند نفسه عظيمًا وهو عند الله حقير، وسقط «﴿لَا تَحْسَبُوهُ﴾» لأبي ذرٍّ.

(فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ) تعالى (هَذَا فِي بَرَاءَتِي) وأقيم الحدُّ على من أُقيمَ عليه (قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ) كان ابنَ خالته (وَفَقْرِهِ) أي: لأجلهما: (وَاللهِ؛ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾) لا يحلف (﴿أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ﴾) في الدين؛ أبو بكرٍ (﴿وَالسَّعَةِ﴾) في المال (﴿أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرينَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾) صفات لموصوفٍ واحدٍ؛ وهو (٥) مِسطح؛ لأنَّه كان مسكينًا مهاجرًا بدريًّا (﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾) عنهم (٦) خوضَهم في أمر عائشة (﴿أَلَا تُحِبُّونَ﴾) خطابٌ لأبي بكرٍ (﴿أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ﴾) على عفوكم وصفحكم وإحسانِكُم إلى مَن أساء إليكم (﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢]) فتخلَّقوا بأخلاقه تعالى (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) لمَّا قرأ عليه النَّبيُّ هذه الآية: (بَلَى، وَاللهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ) بالتخفيف (إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ) قبلُ (وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَسْأَلُ) بصيغة المضارع، ولأبي ذرٍّ: «سأل» بصيغة الماضي (زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ) أمَّ المؤمنين (عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْتِ) على عائشة (أَوْ رَأَيْتِ) منها؟ (فَقَالَتْ) ولأبي ذرٍّ:


(١) «من»: ليس في (م).
(٢) في (د): «وأن قاذفيها المفترون».
(٣) في (ص): «و».
(٤) في (د) و (م): «في أثوابه».
(٥) «وهو»: ليس في (ب).
(٦) في (ب) و (م): «عن».

<<  <  ج: ص:  >  >>