للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصله ابنُ أبي حاتم عنه: هو (مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) قال في «الأنوار»: وهو أطيبُ الأحوال، فإنَّ الظلمة الخالصة تُنَفِّرُ الطبعَ وتسُدُّ النظرَ، وشعاعُ الشمس يُسَخِّنُ الجوَّ ويبهرُ البصر؛ ولذلك وصف به الجنَّة فقال: ﴿وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ﴾ [الواقعة: ٣٠]. انتهى. والظِّلُّ: عبارةٌ عن عدم الضوء ممَّا من شأنِه أن يُضيء، وجعله ممدودًا؛ لأنَّه ظِلٌّ لا شمس معه، واعترضه ابنُ عَطيَّة: بأنَّه لا خصوصيَّة لهذا الوقت بذلك، بل مِن قبل (١) غروب الشمس مدةٌ يسيرةٌ يبقى فيها ظلٌّ ممدودٌ مع أنَّه في نهار، وفي سائر أوقات النهار ظِلالٌ متقطِّعة، وأُجيب بأنَّه ذَكَرَ تفسير الخصوص من الآية؛ لأنَّ في بقيَّتها ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٥] فتعيَّن الوقت الذي بعد طلوع الفجر، واعتَرض ابنُ عطيَّة أيضًا: بأنَّ الظِّلَّ إنَّما يُقال لِمَا يَقَعُ بالنهار، والظِّلُّ الموجود في هذا الوقت مِن بقايا الليل، وأُجيب بالحمل على المجاز، والرؤية هنا بصريَّة أو قلبيَّة، واختارَه الزَّجَّاج، والمعنى: أَلَمْ تَعْلَم، والخطابُ وإن كان ظاهره للرسول هو عامٌّ في المعنى؛ لأنَّ الغرض بيانُ نِعَمِ الله بالظِّلِّ، وجميع المكلَّفين مشتركون في تنبيهِهِم لذلك.

(﴿سَاكِنًا﴾) يريد قولَه: ﴿وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا﴾ [الفرقان: ٤٥] قال ابن عبَّاسٍ فيما وصله ابنُ أبي حاتم أي: (دَائِمًا) أي: ثابتًا لا يزول ولا تُذهِبُه الشمس، قال أبو عُبيدة: الظِّلُّ: ما نسخَتْه (٢) الشَّمسُ، وهو بالغَداة، والفَيْءُ: ما نَسَخَ الشَّمسَ، وهو بعدَ الزوالِ، وسُمِّيَ فيئًا لأنَّه فاء (٣) من الجانب الغربي إلى الشرقي (٤).

(﴿عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٥]) قال ابن عبَّاسٍ فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا أي: (طُلُوعُ الشَّمْسِ) دليلُ حصولِ الظِّلِّ، فلو لم تكنِ (٥) الشَّمس؛ لَمَا عُرِفَ (٦) الظِّلُّ، ولولا النور ما عُرِفَ


(١) كذا وفي الفتح وتفسير ابن عطية «بعد».
(٢) في (م): «تنسخه».
(٣) «فاء»: ليس في (ب).
(٤) في (ب): «المغربي إلى المشرقي».
(٥) في (د): «يكن حصول».
(٦) في (د): «حصل».

<<  <  ج: ص:  >  >>