للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظُّلمةُ، والأشياءُ تُعرَفُ بأضدادِها (١).

(﴿خِلْفَةً﴾) في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾ [الفرقان: ٦٢] قال ابن عبَّاسٍ فيما وصله ابن أبي حاتم: (مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ) وجاء رجلٌ إلى عمرَ بنِ الخطَّاب فقال: فاتتني الصلاةُ الليلة، فقال: أدرك ما فاتَكَ من ليلتكَ في نهارِك؛ فإنَّ الله تعالى جعل الليلَ والنَّهارَ خِلْفَةً، أو يَخْلُفُ أحدُهما الآخرَ، يتعاقبانِ إذا ذهب هذا؛ جاء هذا، وإذا جاء هذا؛ ذهب ذاك، و ﴿خِلْفَةً﴾: مفعولٌ ثانٍ لـ ﴿جَعَلَ﴾ أو حالٌ.

(وَقَالَ الحَسَنُ) البصريُّ فيما وصله سعيدُ بن منصورٍ في قوله تعالى: (﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ [الفرقان: ٧٤]) وزاد أبو ذرٍّ: «﴿وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾» [الفرقان: ٧٤] أي: (فِي طَاعَةِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ والأصيليِّ: «من طاعة الله» (٢) (وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ المُؤْمِنِ أَنْ يَرَى) وللأصيليِّ (٣): «لعين مؤمن»، وله ولأبي ذرٍّ: «من أن يرى» (حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ) قال في «الأنوار»: فإنَّ المؤمن إذا شارَكَه أهله في طاعة الله؛ سُرَّ بهم قلبُه، وقَرَّ بهم عينُه؛ لما يرى مِن مساعدتِهِم له في الدِّين، وتوقُّعِ لحوقِهِم به في الجنَّة، و ﴿مِنْ﴾: ابتدائيَّة أو بيانيَّة، كقولك: رأيت منك أسدًا. انتهى. والمراد قرة أعين لهم في الدين، لا في الدنيا من المال والجمال، قال الزَّجَّاج: يقال: أَقَرَّ اللهُ عينَك، أي: صادف فؤادُك ما تُحبُّه، وقال المفضل: بَرَّد دمعتَها، وهي التي تكون مع السرور، ودمعةُ الحُزْنِ حارَّةٌ.

(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابن المنذر مفسِّرًا: (﴿ثُبُورًا﴾) في قوله: ﴿دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ [الفرقان: ١٣] أي: يقولون: (وَيْلًا) بواو مفتوحة فتحتيَّة ساكنة، وقال الضَّحَّاك: هلاكًا، فيقولون: واثبوراه تَعَالَ فهذا حينُكَ، فيقال لهم: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ١٤] أي: هلاكُكُم أكثرُ مِن أنْ تدعوا مرَّةً واحدةً، فادعوا أدعيةً كثيرةً، فإنَّ عذابَكم أنواعٌ كثيرةٌ، كلُّ نوعٍ منها ثُبُورٌ لشِدَّته، أو لأنَّه يتجدَّد؛ لقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦] أو لأنَّه لا ينقطع، فهو في كلِّ وقتٍ (٤) ثُبُورٌ.


(١) في (ص): «بإضافتها».
(٢) «ولأبي ذر والأصيلي من طاعة الله»: سقط من (د).
(٣) في غير (د): «للأصيلي».
(٤) في (ب): «وقته».

<<  <  ج: ص:  >  >>