للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إيمانٌ بالموجود، فهما نوعان (قَالَ) أي: جبريل: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا الإِسْلَامُ؟ قَالَ) : (الإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ) أي: تُطيعَه (وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ) المكتوبة (وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ) قال في «المصابيح»: لم يقيِّد الصلاة بالمكتوبة؛ وإنَّما قيَّد الزكاة، مع أنَّها إنَّما تُطلَق على المفروضة، بخلاف الصلاة، فتأمَّل السِّرَّ في ذلك. انتهى. وقد سبق في «كتاب الإيمان» [خ¦٥٠] أنَّ تقييدَ الزكاة بالمفروضة احترازٌ عن (١) صدقةِ التَّطوُّع؛ فإنَّها زكاة لغويَّة أو مِن المعجَّلة، وفي رواية مسلم: «تقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة» (وَتَصُومَ رَمَضَانَ) زاد في رواية كَهْمَس: «وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا»، فلعلَّ راوي حديث الباب نسيَه (قَالَ) أي: جبريل: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا الإِحْسَانُ؟) المتكرِّر في القرآن المترتِّب عليه الأجرُ، وقال الخطابيُّ: المرادُ بـ «الإحسان» هنا: الإخلاص، وهو شرطٌ في صِحَّة الإيمان والإسلام معًا؛ لأنَّ مَن تلفَّظ مِن غير نيَّة إخلاصٍ؛ لم يكن محسنًا (قَالَ) : (الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ) أي: عبادتك الله حالَ كَونِكَ في عبادتك له (كَأَنَّكَ تَرَاهُ) في إخلاص العبادة لوجهه الكريم، ومجانبة الشرك الخفي (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ) فلا تغفل، واستمِرَّ على إحسان العبادة (فَإِنَّهُ يَرَاكَ) وهذا تَنَزُّلٌ مِن مقام المكاشفة إلى مقام المراقبة (قَالَ) جبريل: (يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟) أي: قيامُها، وسُمِّيتِ الساعة؛ لوقوعها بغتةً أو لسُرعة حسابها (قَالَ) أي (٢): النَّبيُّ : (مَا المَسْؤولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ) «ما» نافية؛ يعني: لستُ أنا أعلمَ منك يا جبريل بعِلم وقت قيام الساعة (وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا) علاماتِها السابقة (٣) عليها؛ وذلك (إِذَا وَلَدَتِ المَرْأَةُ) وفي رواية أبي ذرٍّ (٤): «الأَمَةُ» (رَبَّتَهَا) بتاء التأنيث على معنى النسمة؛ ليشمل الذكر والأنثى، كناية عن كثرة السَّبْي، فيستولد الناس إماءهم، فيكون الولد كالسيِّد لأُمِّه؛ لأنَّ مِلْكَ الأمةِ راجعٌ في التقدير إلى الولد (فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) لأنَّ كثرةَ السَّبْيِ والتسرِّي دليلٌ على استعلاء الدِّين واستيلاء المسلمين، وهو مِنَ الأمارات؛ لأنَّ قوَّته وبلوغَ أمره غايته (٥)، وذلك منذرٌ بالتراجع والانحطاط المنذر بأنَّ القيامة ستقوم (وَإِذَا كَانَ الحُفَاةُ العُرَاةُ رُؤُوْسَ النَّاسِ) إشارةٌ إلى استيلائِهِم على الأمر، وتملُّكِهِم البلادَ


(١) في (ص) و (م): «من».
(٢) «أي»: مثبت من (د).
(٣) في (م): «التابعة».
(٤) «أبي ذرٍّ»: ليس في (د) و (م).
(٥) في الأصول زيادة: «وذلك» والسياق بدونها أليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>