للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالقهر، والمعنى: أنَّ الأذلَّةَ مِنَ النَّاس ينقلبون أعزَّةً ملوك الأرض (فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) واكتفى باثنتين من الأشراط مع التعبير بالجمع؛ لحصول المقصود بهما في ذلك، وعِلْمُ وقتِها داخلٌ (فِي) جملة (خَمْسٍ) مِنَ الغيب، وحذفُ متعلَّق الجارِّ سائغٌ شائعٌ، ويجوز أن يتعلَّق بـ «أعلم» أي: ما المسؤولُ عنها بأعلم في خمس، أي: في علم الخمس، أي: لا ينبغي لأحدٍ أن يَسأل أحدًا في علم الخمس؛ لأنَّهُنَّ (لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ) وفيه إشارةٌ إلى إبطال الكهانة والنجامة وما شاكلهما، وإرشادٌ للأُمَّة وتحذيرٌ لهم عن إتيان مَن يدَّعي (١) علمَ الغيب، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والكُشْميهَنيِّ: «وخمسٌ لا يعلمهنَّ إلَّا الله» بواو العطف بدل الجارِّ (﴿إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾) في وقتِهِ المقدَّرِ له والمحلِّ المعيَّنِ له في علمه (﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ [لقمان: ٣٤]) أذكر أم أنثى؟ قال في «شرح المشكاة»: فإن قيل: أليس (٢) إخبارُه عن أمارات الساعة مِن قَبيلِ قوله: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان: ٣٤] وأجاب: بأنَّه إذا أظهر (٣) بعضُ المرتَضَين مِن عباده بعضَ ما كُشِفَ له مِن الغيوب لمصلحةٍ ما؛ لا يكونُ إخبارًا بالغيب، بل يكون تبليغًا له، قال الله تعالى: ﴿فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦ - ٢٧] وفائدة بيان الأمارات أن يتأهَّب المكلَّف إلى المعاد بزادِ التقوى (ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ) جبريل (فَقَالَ) النبيُّ للحاضرين (٤) من أصحابه: (رُدُّوا عَلَيَّ) بتشديد الياء، أي: الرجلَ (فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا) بحذف ضمير المفعول للعِلْمِ به (فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا) لا عينًا ولا أثرًا (فَقَالَ) : (هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ) أي: قواعد دينِهِم، وإسنادُ التعليم (٥) إليه وإن كان سائلًا؛ لأنَّه كان سببًا في التعليم.

وهذا الحديث قد سبق في «كتاب الإيمان» [خ¦٥٠].


(١) في (د): «ادَّعى».
(٢) في (م): «ليس».
(٣) في (ص): «ظهر».
(٤) في (ص): «للحاضر».
(٥) في (د): «التَّعلُّم».

<<  <  ج: ص:  >  >>