للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محذوفٌ لتغايرِ الصلاتين؛ لأنَّ صلاة الله غير صلاتهم، أي: إنَّ الله يصلِّي وملائكته يصلُّون، إلَّا أنَّ فيه بحثًا؛ وذلك أنَّهم نصُّوا على أنَّه إذا اختلفَ مدلولا (١) الخبرين؛ فلا يجوز حذف أحدهما لدلالة الآخر عليه وإن كانا بلفظ واحد، فلا تقول: زيد ضاربٌ وعمرٌو؛ يعني (٢): وعمرٌو ضاربٌ في الأرض، أي: مسافرٌ، وعبَّر بصيغة المضارع؛ ليدل على الدوام والاستمرار، أي: أنَّه تعالى وجميع ملائكته الذين لا يُحصَون بالعدِّ (٣)، ولا يُحصَرون بالحدِّ يصلُّون عليه، وفيه الاعتناء بشرفه وتعظيم شأنه في الملأ الأعلى (٤) (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾) أي: اعتنوا أيُّها الملأ الأدنى بشرفه وتعظيمه أيضًا، فإنَّكم (٥) أولى بذلك، وقولوا: اللَّهمَّ صلِّ عليه (﴿وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦]) وقولوا: السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ، وأكَّد السَّلام بالمصدر، واستُشكل: بأنَّ الصلاة آكد منه، فكيف أكَّده بالمصدر دونها؟ وأُجيب بأنَّها مؤكَّدة بـ ﴿إِنَّ﴾ وبإعلامه تعالى بأنَّه (٦) يصلِّي عليه وملائكته، ولا كذلك السَّلام؛ إذ ليس ثمَّ ما يقوم مقامه، أو أنَّه لمَّا وقع تقديمها عليه لفظًا -وللتقديم مزيَّةٌ في الاهتمام- حسن تأكيد السَّلام؛ لئلَّا يتوهَّم قلَّة الاهتمام به لتأخُّره، وأضيفت الصلاة إلى الله وملائكته دون السَّلام وأمر المؤمنون بهما؟ فيحتمل أن يقال: إن السَّلام لمَّا كان له معنيان: التحيَّة والانقياد، فأمر به المؤمنون لصحَّتهما منهم، والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد، فلم يضف إليهم دفعًا للإيهام، كذا أجاب الحافظ ابن حجر، والأمر للوجوب في الجملة، أو كلَّما ذُكِرَ؛ لحديث: «رغم أنف رجل ذُكِرْتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ»، رواه البخاريُّ في «الأدب»، والتِّرمذيُّ (٧)، وحديث عليٍّ عند التِّرمذيِّ -وقال: حسن غريب صحيح-: «البخيل من ذُكِرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ»، أو في المجلس مرَّةً؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «ما جلس قومٌ مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلُّوا على


(١) في (د): «مدلول».
(٢) في (م): «بمعنى».
(٣) في (د): «بالعدد».
(٤) قوله: «وفيه الاعتناء بشرفه وتعظيم شأنه في الملأ الأعلى»، تأخر في (د) و (ص) و (م) عقب قوله: «﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾». وكذا في (ج): ثم أشار في الهامش تقديمه على الآية.
(٥) في (م): «فأنتم».
(٦) في (د) و (م): «أنه».
(٧) زيد في (م): «والثوري»، ووقع في (د) بدل: «الترمذي».

<<  <  ج: ص:  >  >>