للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والكِسائيُّ بكسرها، على أنَّها شرطيَّة، وإسرافهم كان متحقِّقًا، و «إنْ» إنَّما تدخل على غيرِ المحقَّقِ، أو المحقَّقِ المبهم الزَّمان. وأجابَ في «الكشاف»: بأنَّه من الشَّرطِ الَّذي يصدرُ عن المُدْلِي بصحَّة الأمرِ والمتحقَّق لثبوتهِ (١)، كقول الأجيرِ: إنْ كنتُ عملتُ لك عملًا؛ فوفِّنِي حقِّي. وهو عالمٌ بذلك، ولكنَّه يخيَّل في كلامهِ أن تفريطكَ في إيصالِ حقِّي فعلُ من له شكٌّ في استحقاقهِ إيَّاه تجهيلًا له، وقيل: المعنى على المجازاةِ، والمعنى: أفنضربُ عنكم الذِّكر صفحًا متى أسرفتُم؟ أي: إنَّكم متروكون من الإنذارِ متى كنتُم قومًا مسرفين، أي: (مُشْرِكِينَ) سقطَ «مشركين» لأبي ذرٍّ (وَاللهِ لَوْ أَنَّ هَذَا القُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ لَهَلَكُوا) قاله قتادة، فيما وصلهُ ابنُ أبي حاتمٍ، وزاد: ولكن الله عادَ عليهم بعائدتهِ ورحمتهِ، فكرَّره عليهم ودَعاهم إليه، وزاد غيرُ ابن أبي حاتمٍ: عشرين سنةً، أو ما شاء الله.

(﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا﴾) أي: من القومِ المسرفين (﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الزخرف: ٨]) أي: (عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ) قاله قتادة، فيما وصلهُ عبدُ الرَّزَّاق.

(﴿جُزْءًا﴾) في قولهِ تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ [الزخرف: ١٥] أي: (عِدْلًا) بكسر العين وسكون الدال، وفي «آل ملك» (٢): «عَدْلًا» بفتح العين وسكون الدال (٣)، أي: مثلًا، فالمراد بالجزءِ هنا إثباتُ الشُّركاء لله تعالى؛ لأنَّهم لمَّا أثبتوا الشُّركاءَ زعمُوا أنَّ كلَّ العبادةِ ليست لله، بل بعضُها جزءٌ له تعالى، وبعضُها جزءٌ لغيره، وقيل: معنى الجعل أنَّهم أثبتُوا للهِ ولدًا؛ لأنَّ ولدَ الرَّجلِ جزء منه، والأوَّل أولى؛ لأنَّا إذا حملنَا الآية على إنكارِ الشَّريك لله، والآية اللَّاحقة على إنكارِ الولدِ؛ كان ذلك جامعًا للرَّدِّ على جميعِ المبطلين.


(١) في (د): «ثبوته».
(٢) نسخة من الصحيح عادة إليها القسطلَّاني في أكثر من موضع لعلها تعود للأمير سيف الدين الحاج آل ملك (ت: ٧٤٧ هـ)، والله تعالى أعلم.
(٣) «وسكون الدال»: ليست في (م) و (ب). وقوله: «وفي آل ملك عدلًا بفتح العين وسكون الدال»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>