للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعبادةِ، وفي معنى نفيهمَا (١) على أبلغِ الوجوهِ وأقواها. كذا قرَّره في «الكشاف» (فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ) أي: المستنكفينَ، وهذا تفسيرُ قوله: ﴿أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لأنَّه مشتقٌّ من عبِد -بكسر الموحدة- إذا أنفَ واشتدَّت أنفتهُ (وَهُمَا) أي: عابدٌ وعبِدٌ (لُغَتَانِ) يقال: (رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ) بكسر الموحدة في ضبط الدِّمياطيِّ والفرع وغيرهما، وقال ابنُ عرفةَ: يقال: عبِد -بالكسر- يعبَد -بالفتح- فهو عبدٌ، وقلَّما يقال: عابدٌ، والقرآنُ لا يجيءُ على القليلِ ولا الشَّاذِّ، ومراده: أنَّ تخريج من قال: إنَّ العابدين بمعنى: الآنفين لا يصحُّ، وقال الإمام فخرُ الدِّين: وهذا التَّعليق فاسدٌ؛ لأنَّ هذه الأنفة حاصلةٌ، سواء حصل ذلك الزَّعم والاعتقاد أو لم يحصلْ.

(وَقَرَأَ (٢) عَبْدُ اللهِ) يعني: ابنَ مسعودٍ: ((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ)) أي: موضع قوله تعالى: ﴿وَقِيلِهِ يَارَبِّ﴾ [الزخرف: ٨٨] السَّابق ذكره قريبًا، وهي قراءةٌ شاذَّةٌ مخالفةٌ لخط المصحفِ (وَيُقَالُ: ﴿أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: ٨١]) أي: (الجَاحِدِينَ) يقال: عبدني حقِّي، أي: جحدنيهِ (مِنْ عَبِدَ) بكسر الموحدة (يَعْبَدُ) بفتحها، كذا فيما وقفتُ عليه من الأصولِ، وقال السَّفاقسيُّ: ضبطوه هنا بفتح الباء في الماضي وضمِّها في المستقبلِ، قال: ولم يذكرْ أهل اللُّغة عبد بمعنى: جحدَ، ورَدَّ عليه بما ذكره محمد بنُ عُزيزٍالسِّجستانيُّ صاحب «غريب القرآن» من أنَّ معنى العابدين: الجاحدين، وفُسِّر على هذا: إن كان له ولدٌ؛ فأنا أوَّل الجاحدينَ (٣)، وهذا معروفٌ من قولِ العرب: إنْ كان هذا الأمرُ قط؛ يعني: ما كان. وقال السُّدِّيُّ: معناه: لو كان للرَّحمنِ ولدٌ فأنا أوَّل العابدين؛ أي (٤): مَن عبدَه بذلك، ولكن لا ولد له، وثبتَ هنا قوله: «وقال قتادةُ: ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾ جملة الكتاب، أصل الكتاب» السَّابق قريبًا في رواية غير أبي ذرٍّ.

(﴿أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ﴾ [الزخرف: ٥]) بفتح الهمزة، أي: لأن كنتُم. قال في «الأنوار»: وهو في الحقيقةِ علَّة مقتضيةٌ لتركِ الإعراضِ، وقرأ نافع وحمزة


(١) في (م): «نفيها».
(٢) في (ص): «قال».
(٣) قوله: «وفُسِّر على هذا: إن كان له ولد؛ فأنا أوَّل الجاحدين»: ليس في (د).
(٤) قوله: «العابدين أي»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>